الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
زاد الدعاة .. من عيون الشعر العربي "1"
يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة". وكان سيدنا عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" يقول رووا أبناءكم الشعر. فيه يقدم الجبان ويجود البخيل. وتحت هذا العنوان "زاد الدعاة من عيون الشعر العربي" نختار نماذج من أهم ما كتب حول القيم والأخلاق النبيلة بما يوسع ثقافة الخطيب. وينمي مداركه وملكاته اللغوية والبيانية. ويقوي جمله و عباراته بما يعلق في ذهنه من محفوظات من هذه النماذج الراقية الرائقة. ونبدأ بالحديث عن الكرم. ولعل أهم شاعر عرف بهذا الخلق نظماً وواقعاً هو الشاعر الجاهلي حاتم الطائي. ولعل في اختيار وبروز هذا الشاعر الجاهلي في هذا الفن ما يؤكد أن الكرم فضلا عن كونه خلقاً إسلاميا رفيعاً فإنه خلق إنساني شديد الرقي ينم عن نفوس صافية وأخلاق راقية. ونظرة إلي الحياة جد ثاقبة. ومن أشهر ما كتبه حاتم الطائي هي تلك الأبيات التي كتبها مخاطباً زوجه ماوية وقد شرعت تعاتبه علي كثرة إنفاقه فقال:
أماوي! إن المال غاد ورائح
ويبقي من المال الأحاديث و الذكر
أماوي! ما يغني الثراء عن الفتي
إذا حشرجت نفس وضاق بها الصدر
ويقول:
إذا كان بعض المال ربا لأهله
فإني. بحمد الله. مالي معبد
يفك به العاني. ويوكل طيبا
ويعطي. إذا من البخيل المطرد
ويقول:
ذريني أكن للمال ربا. ولا يكن
لي المال ربا. تحمدي غبه غدا
أريني جوادا مات هزلا. لعلني
أري ما ترين أو بخيلا مخلدا
ويقول:
ذريني يكن مالي لعرضي جنة
بقي المال عرضي. قبل أن يتبددا
ويقول:
لعمري لقدما عضني الجوع عضة
فآليت ألا أمنع الدهر جائعا
فقولا لهذا اللائمي اليوم أعفني
فإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا
ويقول:
يقولون لي. أهلكت مالك فاقتصد
وما كنت لولا ما يقولون سيدا
كلوا اليوم من رزق الإله وأيسروا
فإن علي الرحمن رزقكم غدا
ويقول:
ألا لا تلوماني علي ما تقدما
كفي بصروف الدهر. للمرء. محكما
فإنكما لا ما مضي تدركانه
ولست علي ما فاتني متندما
أهن للذي تهوي البلاد فإنه
إذا مت كان المال نهبا مقسما
ولا تشقين فيه فيسعد وارث
به حين تغشي أغبر الجوف مظلما
قليلا به ما يحمدنك وارث
إذا نال مما كنت تجمع مغنما
فجاور كريما واقتدح من زناده
وأسند إليه أن تطاول سلما
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف