المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. حنفية التمويل أغلقت
لم يعد سراً ان جميع وسائل الإعلام تواجه حالياً أزمة مالية طاحنة.. تأثرت بسببها القنوات الفضائية كما تأثرت الصحف الخاصة والحزبية.. أما المؤسسات الصحفية القومية فمعروف أنها كانت سباقة إلي هذه الأزمة.. تستوي في ذلك مؤسسات الشمال الغنية ومؤسسات الجنوب الفقيرة.. كلهم في الهم شرق.
أزمة الصحف القومية كانت واضحة المعالم واضحة الأسباب.. وقد ظهرت إلي العلانية ابتداء من عام 2005 بعد أن ظلت في طي الكتمان.. أما أزمة القنوات الفضائية والصحف الخاصة فقد ظهرت فجأة ومازال الحديث عن أسبابها متضارباً.. خاصة أن الأجور ومعدلات الإنفاق فيها كانت قد وصلت إلي أرقام فلكية لا تمت بصلة للواقع المصري ولا يمكن مقارنتها بالأجور ومعدلات الانفاق في الصحف القومية وقنوات التليفزيون الحكومي.
ثم استفحلت الأزمة المالية في الصحف القومية بسبب الفساد والاستبداد وفشل الإدارة.. وتبلورت الأزمة أثناء ثورة 25 يناير 2011 وما بعدها.. حيث تقلصت الإعلانات التي تمثل العمود الفقري للتمويل وتدهورت أرقام التوزيع إلي مستويات غير مسبوقة بينما زادت أعداد المعينين "تحت الضغط" بشكل عشوائي وفوضوي.. وزادت المرتبات والعلاوات والحوافز "تحت الضغط".. وإن لم تصل رغم ذلك إلي المستوي الأدني اللائق والمستحق للعاملين.. وظهرت مطالبات حكومية بمديونيات قديمة كانت في حكم المسكوت عنه وارتفعت أسعار الورق وتكاليف الطباعة.. وفي الإجمال زادت المصروفات جداً وتدهورت الإيرادات جداً جداً.
وقد حاولت الدولة أن تمد يد العون وتقدم قروضاً وإعانات علي دفعات.. لكن ذلك لم يحل المشكلة.. فالمديونيات للبنوك والتأمينات هائلة.. والميزانيات تعاني من خلل رهيب.. ومع ذلك لم تلجأ هذه المؤسسات الصحفية إلي اجراءات استثنائية للتخلص من العمالة أو الاضرار بمصالح العاملين.. ومازالت تكافح من أجل البقاء علي قيد الحياة.
أما أزمة الفضائيات والصحف الخاصة فقد كانت ومازالت غامضة.. حيث لم تكن مواردها المالية معروفة علي وجه الدقة.. ولم تكن في يوم من الأيام معتمدة علي الإعلانات.. وكلنا يعلم علم اليقين أن هذه الفضائيات والصحف تأسست علي أيدي رجال أعمال.. ونستطيع بسهولة أن ننسب كل قناة فضائية وكل صحيفة إلي المليونير الذي يمتلكها ويمولها ويحدد لها خطها السياسي ورسالتها الإعلامية.. ويستطيع أن يعطي مرتبات بالملايين حين يريد وأيضاً يستطيع أن يفصل أياً من العاملين بكل سهولة حين يريد.
وأضيف إلي ذلك ما أورده الزميل عماد الدين حسين رئيس تحرير "الشروق" في مقاله المنشور يوم الخميس الماضي حيث ذكر أن "بعض المؤسسات الإعلامية - ومنها مواقع اليكترونية انطلقت فجأة - كانت تتلقي دعماً خارجياً معظمه عربي لأسباب متنوعة معظمها سياسية وليست مهنية.. وفجأة جاءت رسالة من الممول الخارجي بأن الحنفية تم إغلاقها أو في سبيلها إلي ذلك والنتيجة أن انهيارات حادة بدأت تحدث في كثير منها".
وما يقال عن الممول الخارجي يقال مثله عن الممول الداخلي الذي كان يعطي المال بغزارة لأسباب سياسية.. وبعد ان تحققت أهدافه.. أو تغيرت الظروف وتغيرت الأهداف جاءت الرسالة بأن الحنفية أغلقت ولم نعد بحاجة إلي خدماتكم.. ومن هنا برزت الأزمة لأنه لم يكن هناك البديل الجاهز للتمويل ولم يكن هناك إيراد ثابت من الإعلانات يمكن أن يسد الفجوة ويوفر مرتبات بالملايين للمحظوظين.. وبالتالي تم استبعاد الكثير من نجوم الفضائيات والكثير من الصحفيين في الجرائد الخاصة بأعذار مختلفة.
وقد أحصي الأستاذ الكبير محمد العزبي في مقاله بالجمهورية يوم الخميس الماضي حوالي 21 من الأسماء اللامعة في الفضائيات تعرضوا لإلغاء برامجهم واستبعدوا من قنواتهم.. وهناك آخرون يعانون من تأخير مستحقاتهم.. ولا أظن أن بمقدور نقابة الصحفيين التدخل لحل هذه الأزمة المستحكمة.. فالوضع يفوق امكاناتها ويتجاوز منطقة نفوذها.. ولن يكون هناك بديل عن تطبيق القاعدة الذهبية: "من أحضر العفريت فعليه أن يصرفه".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف