الأهرام
محمد أمين المصرى
من عكا مش طالعين!
ثمة فيلم تسجيلى رائع يصور الحياة داخل مدينة عكا الفلسطينية، ويبدأ البث بجملة كتبتها معدته منى العمرى تقول: «انظر حولك ياتاريخ، هل ترى غيرنا؟ هل ترى وجوه أجدادنا فى تفاصيل حجارة عكا؟ وتجاعيد أياديهم يعرفها السور ويعرفنا، فحجارة السور لا تتكلم سوى العربية».. ويواصل الفيلم موجها حديثه للإسرائيليين: «السور لا يتكلم العبرية، سترحلون، نقسم أنكم سترحلون من بحرنا ومن برنا ومن تجاعيد السور الذى استمد جماله وعزته من وجوهنا.. نحن جيل على خطى غسان سنمضى وسنحيى أدبه ليصير واقعا يُرى ويُحس كأبناء عمري».

الفيلم يبدأ بمشاهد سريعة ومتلاحقة ليصور لنا أزقة وأسواق عكا وأفرانها ومطاعمها، ولا يغفل بالطبع سور عكا العظيم بأحجاره القديمة، ثم ينقل تعليقات أبناء عكا الفلسطينيين، ليبدأ ببائع العصائر الذى يقول: «نحن اتولدنا فى عكا وبنموت فى عكا» يليه بائع الفاكهة: «أنا من عكا ومش هطلع من عكا» ويكرر بائع الحبوب نفس الجملة تقريبا، حتى نأتى لبائع الأسماك لينقل عنه المشهد وهو يحرك سمكة كبيرة : «عكا عربية وستظل».

ويأتى الدور على شاب صغير فى مقتبل الحياة ونراه يقلب الحلويات بعد أن وضع السكر عليها لينبهنا: «أنا ورثت الشغلة عن أبوي، وأبوى ورث الشغلة عن سيدي، ونحن مكملين مع أولادنا وسنظل بنعمل الحلو فى عكا». تنتقل الكاميرا الى ميدان الساعة لنرى فتاتين تشير إحداهما بعلامة النصر ولكنهما ينطلقان فى الحديث معا حيث يتداخل صوتاهما: «كلنا عكا..مش طالعين.. مش طالعين».

«عكا اتبنت من ملامحنا، هى أمنا وما فى أحد يتنازل عن أمه» جملة قالها شاب واختفى ليأتى رجل فى الخمسينيات من عمره تقريبا ليؤكد : «عكا مش حجر..عكا إنسان.. عكا بشر» ليطل المشهد على شاب أخر يقول بكل ثبات: البشر يبنى الحجر بس العزة تبنى البشر ومن عكا مش طالعين.

ويختتم الفيلم بأغنية جميلة تقول كلماتها : « لو شالوا البحر/لو هدوا السور/لو سرقوا الهوا/ أو خلعوا النور/لا بديل عن عكا فى الدنيا كلها/ لا أبدل حارتى ولو بقصور/لو شربوا البحر».

الفلسطينيون ليسوا فى حاجة الى من يدافع عنهم، ولكنهم فى حاجة فقط لمن يقرأ التاريخ ويقتنع بقضيتهم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف