سامح عيد
أيها الإخوان حلُّوا التنظيم أو حلوا عنا
على الإخوان حل التنظيم.. الحل الطوعي أو القسري للتنظيم ضرورة.. فاجأنا الإخوان المسلمون في الفترة الأخيرة ببيان الإعلان عن شرعية مرسي، وتدشين كيان أطلقوا عليه الجبهة المصرية، وقد دشن في وقت متزامن من جنيف بقيادة محسوب وحاتم عزام، ومن تركيا بقيادة صلاح عبد المقصود وقطب العربي وأسامة سليمان ومعهم أيمن نور، قالوا إنه ممثل عن حزب غد الثورة، وشاب يدعى محمد كمال قالوا إنه من 6 إبريل، على أنه تجمع وطني يجمع كل الطوائف، ويدعو إلى التخلص من النظام الحالي والذي وصفوه بالانقلاب. لا أدري كيف يفكر هؤلاء البشر، لقد كنا تخيلنا أن للغباء قعرًا، لم نكن نتخيل أنهم ما زالوا يحفرون في قعر الغباء. القوى الوطنية التي يتحدثون عنها ويريدون أن يتواصلوا معها في الداخل كلها نزلت الموجة الثانية للثورة في الثلاثين من يونيو ضد نظام الإخوان وضد الفاشية الدينية، حتى وإن اختلفوا مع النظام الحالي من منطلقات سياسية أو اقتصادية، فهذا ليس معناه بأي حال من الأحوال الرغبة في عودة الإخوان مرة أخرى، ويتحدثون في الأغلب الأعم عن التغيير من خلال الانتخابات الرئاسية القادمة عن طريق مرشح توافقي، لم يستقر عليه الرأي بعد، وربما أصدر بعضهم بيانات بعدم الإقصاء، منهم السفير معصوم مرزوق، ولكن عدم الإقصاء لا يعني القبول بجماعة أممية ترى مصر ولاية داخل تنظيمها المتنامي، وما زالت تدعو لما يسمى مشروع الخلافة، ربما يعني القبول بأفراد لا ينتمون لتنظيم حتى لو كانت لهم أفكار راديكالية، ربما يحلها الزمن، أما الانتماء لتنظيم فهو ليس مجرد إرهاب فكري، ولكنه إرهاب مادي، لأن التنظيمات المخالفة للقانون والسرية لم تخلق لمجرد رعاية الأيتام أو علاج المرضى أوحتى التنظيم السياسي، خاصة عندما تحتوي أفكارها على مناحٍ أممية متجاوزة للأوطان. الكيان الجديد الذي أنشأوه ولد ميتًا، فسيذهب كما ذهب المجلس الثوري وغيرها من الكيانات التي أنشأوها بعد الثورة. سأل المذيع التابع لقناة موالية للجماعة، عن هذا الكيان وكيف تريدون من القوى الأخرى أن تقف معكم وأنتم ما زلتم تتحدثون عن شرعية مرسي، وكيف يأمنون لكم، قال بكل بساطة، نتشارك معًا في دحر الانقلاب (طبقًا لتوصيفه)، وبعد ذلك الشعب هو من يقرر بقاء مرسي من عدم بقائه، نشترك في الهدف المشترك.
هبل إحنا ياعصام ألم يتم خيانتنا من الإخوان قبل ذلك، هذه القوى والشخصيات الوطنية تعارض النظام الحالي بكل تأكيد وأنا أحدهم، وتكتب ذلك في الجرائد وتقوله على الشاشات إن أتيح لها ذلك، ولا نقول إن حرية الرأي في أحسن أحوالها، فما زالت الحريات تتقلص تباعا، ولا ندري إلى ماذا ستذهب بنا، ولكن لن يكون بديل الاستبداد السياسي هو عودة الاستبداد الديني. الإخوان أصبحوا عبئًا على الدولة المدنية وأي إمكانيات للحل، كلما يُطلون بوجوههم على المشهد السياسي يتعقد المشهد السياسي، لأن ظهورهم على المشهد، يرجح لدى الناس قبول أي صورة من صور الاستبداد. على التنظيم أن يحل نفسه، هذا هو الأمل الوحيد لتطهر أفراده من ناحية وتطهر المجتمع من ناحية أخرى، لا أدري كيف لهذا الكيان، أن يحتفظ بنفسه بعد هذا الذي لحق به، وبعد تاريخ طويل من العنف السياسي والغباء السياسي والخيانة السياسية على مدى تسعين عاما، ويصر على الاستمرار، رغم أن تاريخه كفيل بأن يتخلصوا من هذا العبء. مؤخرا المحكمة أتاحت فرصة أخرى للأحزاب الدينية ونفدوا من الحل، وهذه فرصة جديدة لعدم الإقصاء، والعمل من منطلقات سياسية، ولا مانع لديَّ أن يكون هناك حزب محافظ بالمعنى الغربي في قضايا التحديث والتجديد، وهذا مطلوب في السياق العام، بشرط أن لا يكون بوصاية دينية، لأن الوصاية الدينية تكون وصاية مطلقة على أمور نسبية يحكمها في الأساس النسبي ويحكمها المصالح بدرجة أكبر، من فكرة الحرمة الدينية، بمعنى أن الحرمة الدينية تلزم الأفراد من خلال التزامهم الفردي، ولا تلزم الدولة التي تدير مجتمعا متنوعا بأفكاره وأديانه ومعتقداته، وإذا كانت الدولة الدينية دورها حراسة وحماية الدين، فإن الدولة المدنية دورها حماية المجتمع وحقوق أفراده. من الممكن قبول دمج أفراد التيار الإسلامي في المجتمع كونهم أفرادا لا تنظيمات، وما زال أمامهم فرصة من خلال أحزابهم أن يعبروا عن أنفسهم بشكل مدني. وعلى التنظيم إذا أراد الخير لأفراده أولاً وللمجتمع ثانيًا، أن يبادر بالحل الطوعي للتنظيم، قبل أن يخسر كثيرًا بالحل القسري، خاصة أن كثيرا من التنظيمات الفرعية التابعة للجماعة، قد أعلنت تحللها من تبعيتها للتنظيم المصري من ناحية، ومن ناحية أخرى الاكتفاء بالتنظيمات القانونية سواء السياسية أو الأهلية، هذا حدث في تونس والمغرب وبنسبة ما في الأردن، وما يطلق عليه تجمع المراكز الإسلامية بالغرب أعلن أيضا تحلله من أي تبعية تنظيمية، التنظيم المصري الوحيد، هو المعاند والمكابر، رغم أنه كان سببا مباشرا، في تداعي الأمر في العالم كله، وضربة قاسمة لما أطلق عليه الإسلام السياسي في العالم كله، وسيظل تأثيره لعقود قادمة، وعلى التنظيم المصري أن لا يكابر ويعترف بالحقيقة، ويشرع لحل نفسه، لأنه سيظل ملاحقا من أي نظام سياسي لاحق، ولفترة طويلة، وقد آن الأوان، أن يعفي أعضاؤه من هذه الحمولة الكبيرة التي يحملونها فوق أظهرهم، سواء الحمولة التاريخية، أو الحمولة التنظيمية.