إذا أردت أن تعرف قوة مصر وإرادة مصر وعزيمة مصر فانظر إلي صور مواكب وداع الشهداء في المدن والقري. وتفحص وجوه الأهالي الذين اجتمعوا بالآلاف ليشيعوا الأبطال إلي مثواهم الأخير. ستجد أمارات الصمود التي تقول إننا أقوي من الإرهاب. وأن شهداءنا وراءهم طوابير طويلة من الشهداء الأحياء الجاهزين للموت في سبيل أمن وطنهم واستقراره.
هؤلاء البسطاء الذين شاركوا في تشييع الشهداء الأبطال هم العمق الاستراتيجي لمصر. هم مخزون الإرادة الذين يزرعون في عقول أبنائهم حب الوطن جيلاً بعد جيل. وهم الذين يحكون كل يوم لأبنائهم قصص الشهداء وبطولاتهم كي يحببوا إليهم معاني التضحية من أجل الوطن.
لقد تحولت جنازات الشهداء إلي مناسبة وطنية لإعلان الولاء والوفاء لمصر. ليس فقط من جانب الشباب والرجال والنساء الذين احتشدوا لوداع الأبطال وإنما من جانب الأطفال أيضاَ الذين تفتحت عيونهم مبكراً علي كلمة وطن. وعلي معني الشهادة والفداء. وهؤلاء الأطفال هم الذين سيحملون أمانة الدفاع عن بلدهم وعن مستقبلهم. وبالتأكيد سوف يظل مشهد الجنازة محفوراً في ذاكرتهم ليملأهم فخراً بمن قضي نحبه. وإعزازاً وتقديراً لمن ينتظر.
بالأمس قالت مصر كلمتها في الجنازات. قالت للعالم أجمع إنها مصرة علي استكمال مسيرة الحرب علي الإرهاب الأسود حتي يتم استئصال شأفته بالكامل من أرضنا الطيبة. قالت إنها لن تتراجع ولن تتهاون مع عصابات الإجرام ومن يدعمها ويمولها. بعد أن أصبحت المواجهة حتمية ومصيرية.
في لحظة البلاء الكبير يظهر معدن هذا الشعب المصري الأصيل. شعب يحب بلده حبا غير عادي. يعشقه. يغار عليه من نسمة هواء معادية. عندما يكون الهدف الإضرار بمصر فكلنا فداء لمصر. نقدم أرواحنا رخيصة من أجلها. مصر الباقية وكلنا زائلون.
لا يتنكر لمصر ولا يستخف بها في ساعة العسرة إلا من باع نفسه بثمن بخس فخسر الدنيا والآخرة. مصر فوق الجميع. وهي التي يجب أن نحافظ عليها عزيزة كريمة وفديها بأرواحنا.
مشاهد الجنازات لم ترهبنا ولم تفت في عضدنا كما يتصور الجاهلون الذين راهنوا علي أن جرائمهم سوف تمزق مصر والمصريين. بالعكس مشاهد الجنازات زادتنا إيماناً بشعبنا وجيشنا. وزادتنا ثقة في قدرتنا علي الصمود حتي نحقق النصر الكامل. وتنتهي المعركة بدحر الإرهاب وتطهير بلادنا من هذا الوباء اللعين.
إن العين لتدمع علي الشهداء الأبرار. إن القلب ليجزع. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: اللهم اغفر لهم وارحمهم. اللهم زد في حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم واجعل مثواهم الفردوس الأعلي من الجنة. مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.