الأهرام
فريدة الشوباشى
أسئلة على صفيح ساخن
يشعر المرء فى هذه الأيام بأن سماء القاهرة مزدحمة بالأسئلة أحيانا والتساؤلات احيانا أخرى بحيث يكذب من يدعى القدرة على الاجابة عنها جميعا او حتى على جزء كبير منها..لكنى اتوقف أمام تساؤل عن «واجب!؟» الدولة ،التى يقع على عاتقها كما يقول البعض،ان تتكفل بكل فرد فى هذا الوطن، من طعام، لتعليم، لتوظيف،إلخ إلخ. وهذا فى حد ذاته أمر مقبول ويحظى بموافقة شبه إجماعية، ولكن فى كل بلاد العالم، تتوزع الحقوق والواجبات بين الدولة من جهة والمواطن من جهة ثانية وأعتقد أن من أخطر ما يواجه مصر الآن من مشكلات يكمن فى كارثة الانفجار السكانى الذى يلتهم كل ما يستطيع التهامه والذى يصعب على اكثر الدول ثراء استيعابه... بل ان كل الدول تضع الدراسات التى تحدد موارد الثروة وإمكانات الدولة ،على ضوء عدد السكان وقدر الموارد والثروات الطبيعية، فنحن نرى مواطنا يستغيث بالدولة مطالبا إياها بان تكفل له حياة كريمة وتؤمن له ما يكفيه ،هو وابناءه الخمسة او حتى العشرة !!!..

ومثل هذا المواطن يريد الاستئثار بما يتيسر. ويزيد من موارد الدولة وينكر عليها حقها فى ان تطالبه بما عليه من التزامات، بأن يراعى المصاعب التى تواجهها وان يراعى كذلك حق من ينظم نسله فى حدود المعقول ليس تفهما لامكانات الدولة فحسب، ولكنه حرص منه على تربية ابنائه فى افضل ظروف ممكنة والعيش بكرامة، متفهما الأوضاع وان الدولة، بمواردها المحدودة، يستحيل عليها تلبية احتياجات زيادة سكانية غير محدودة، بل ومنفلتة..لماذا يكون من حق شخص ما تحميل الدولة عبء غذاء وتعليم وتوظيف ثمانية افراد ويستكثر على الدولة ان تطالبه بالرحمة وبانها لا تستطيع ان تتحمل عبء اكثر من ثلاثة ابناء او حتى ابنين.وتذكره بأنه يقتطع من حقوق الأسر ذات الابنين او الثلاثة على اكثر تقدير؟

ويطمع صاحبنا فىان تبحث الدولة عن وظائف لاولاده على ان تكون الوظيفة على هوى الابن وان تكون بجوار مسكنه، وإما كما يقترح البعض ان تخصص لهم إعانة بطالة! ولا يفكر المطالبون بهذه الاعانة من اين للدولة بكل هذه المليارات، او مثلا، بان المليارات التى قد تقدمها الدولة للعاطلين، يمكن ان تُستثمر فى انشاء مصانع وصناعات متوسطة وصغيرة واستصلاح اراض وبسواعد هذا الشباب «العاطل»، فنضرب جميعا اكثر من عصفور بحجر.

لقد كنا ثلاثين مليون نسمة فى ستينيات القرن الماضى وكنا نحقق اكتفاء ذاتيا تقريبا كما كنا نصدر منتجات كثيرة.كانت البطالة تكاد تكون منعدمة وكان شعارنا ، من لا يملك قوت يومه، لا يملك حرية قراره،وللاسف تم تفكيك مصانعنا وتصفية معظمها، مما زاد من ضخامة حجم البطالة...أيضا. كان الشعب مؤمنا بأهمية تنظيم النسل وهو ما ادى بعد التخلى عنه الى مأساة ملايين الاطفال الذين ألقاهم من أنجبوهم فى الشوارع.. لا جدال فى ان على الدولة واجبا تجاهنا ولكن لا مهرب من الاقرار بان للدولة، بالمقابل،حقا علينا، كل من الطرفين، الحكومة والاهالى، له حقوق وعليه واجبات، وانكار ذلك يؤدى الى مخاطر يصعب تداركها، مثلما يحدث الآن بالانفجار السكانى الكارثى. حقا ان الله عز وجل يرزقنا جميعا ولكنه القائل فى كتابه العزيز «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» صدق الله العظيم.. تنظيم النسل شرط بقاء فى دولة رقعتها الزراعية محدودة ولا يرقى التوسع فيها مواجهة الزيادة السكانية الرهيبة حتى تعدينا، حسب بعض المعلومات،المائة مليون نسمة.. واتمنى على رجال الدين الذين يشجعون الانجاب، على اعتبار انه من اسباب القوة والبأس، وهو ما تؤكد الشواهد عدم دقته، ان يستنهضوا همم الشباب ودعوتهم للعمل وتأكيد ان طوق النجاة الوحيد يتمثل فى العمل والإنتاج..إذا أردنا ان تكون الدولة بابا وماما، فعلينا ان نكون ابناء بررة وأكفاء..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف