الوفد
سعيد السبكى
المُخربة لا تريد السلام
يقول الكاتب الإسرائيلى "جدعون ليفى" ان رفض اسرائيل للسلام مغروس فى "حمضها النووى" فى دورتها الدموية ، فهو سبب وجودها ، فى إيمانها الراسخ بإعتقادها ان هذه البلاد موعودة لليهود فقط ، تتجذر فى أعماقها مقولة "الشعب المختار" و"أنت اصطفتينا" ويترجم عملياً بأنه يُسمح لليهود ما لا يُسمح لغيرهم فى هذه الأرض ، هذه هى نقطة البداية التى لا يمكن الإنطلاق منها الى السلام العادل ، عندما يكون اسم اللعبة عدم إنسانية الفلسطينى ، وتتغلغل هذه الفكرة فى العقول ، فلا يُمكن الوصول الى السلام مع قناعة ان الفلسطينى جسم مشبوه ، كذلك المقولة التى تتردد حتى الآن فى الاعلام بانه " يريد ان يرمى اليهود فى البحر " ومعظم الاسرائيليين مقتنعون بذلك .
لقد قال الاستاذ أحمد بهاء الدين رحمه الله في مقال له : في عام 1961 زار وزير البحرية البريطانية مصر وطلب الاجتماع بالرئيس جمال عبد الناصر فحدد له ميعاد الاجتماع.. وفي اثناء اجتماعه بالرئيس عبد الناصر قال له ( أنا شخصياً اتعاطف مع مصر ومعك شخصياً لأني مُعجب بك وكيف واجهت الاحداث العصيبة منذ ثورة 23 يوليو حتى الان ، وبالذات كيف كسبت الرأي العام العالمي في حرب قناة السويس.. لكننى الومك عندما قلت حسب ما سمعته سترمى باليهود الى البحر ، فهذه المقولة اثرت على الرأي العام البريطانى والغربي ، وجعلته ينظر الى العرب كوحوش كاسره) فقال له عبد الناصر (إننا كذبنا هذه الاقوال التى تروجها الصهيونية وكيانها في فسطين ، لكن الغربيين لا يسمعون الى اعلامنا) فقال له وزير البحرية البريطانى (إن لدي مقترحاً اذا سمحت بأن اقدمه لك) فوافق عبد الناصر على تقديم ذلك المقترح من جانب الوزير البريطانى الذي قال مباشرة (اقترح ان تقدم وزارة البحرية البريطانية جائزة مقدارها عشر الف جنية استرلينى لمن يقدم دليلاً على ان زعيماً عربياً قال سنرمى باليهود الى البحر وسنعلن ذلك في بيان في صحيفة التايمز البريطانية) فوافق عبد الناصر على مقترح وزير البحرية البريطانى ونشرت تفاصيل لقاء عبد الناصر بالوزير البريطانى في صحف مصرية ومنها الأهرام والاخبار وذكر الاستاذ أحمد بهاء الدين تاريخ نشر الصحف لتلك التفاصيل واعدادها.
وعاد وزير البحرية البريطانى الى بريطانيا وارسل ذلك الاعلان عن الجائزة الى صحيقة التايمز لمن يأتي بدليل ليثبت ان احد زعماء العرب قال سنرمى باليهود الى البحر ونشرت الصحيفة ذلك الاعلان وذكر احمد بهاء الدين تاريخ صدور صحيفة التايمز ورقم عددها.
وبعد أسبوع نشرت صحيفة تصدر في بريطانيا ويصدرها صهيانية وذكر الاستاذ أحمد بهاء الدين اسمها.. نعم نشرت تصريحاً لأول أمين عام لجامعة الدول العربية الأستاذ عبد الرحمن عزام يقول فيه ما معناه (إن العرب يستطيعون بجهادهم أن يعيدوا اليهود القادمين من البحر الى فلسطين من البحر نفسه الى البلدان الغربية التى جاؤوا منها.. وتقدم رئيس تحرير تلك الصحيفة بطلب الجائزة من وزارة البحرية البريطانية.. لكن الوزارة رفضت تسليم الجائزة لأن الصحيفة لم تف بالشرط المطلوب وهو اثبات ان اي زعيم عربي قال (سنرمى باليهود الى البحر) لأن ما اوردته الصحيفة اليهودية يختلف تمام الاختلاف مع شرط صحيفة التايمز. فتقدمت الصحيفة اليهودية بشكوى الى المحكمة البريطانية في لندن ضد صحيفة التايمز.. وبعد عدة جلسات ومرافعات نطقت المحكمة حكمها القائل (إن معنى ما اوردته الصحيفة اليهودية لا ينطبق على معنى ما اشترطته صحيفة التايمز فقول المسؤول العربي سيعيد اليهود الذين جاؤوا من البحر الى فلسطين بواسطة البحر الى البلدان الغربية التى جاؤوا منها لا يُعنى اطلاقاً أن العرب سيرمون باليهود الى البحر) وبذلك كما قال المرحوم الاستاذ أحمد بهاء الدين برأت المحكمة البريطانيه العرب مما نسبته اليهم اسرائيل الغاصبة ارض فلسطين و ارادت تشويه سُمعة عبد الناصر واظهاره بالمتوحش..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف