الأهرام
فتحى محمود
عقبات تواجه السياحة
دون عودة السياحة إلى كامل طاقتها، بل والسعى لتحقيق طفرة كبرى فى أعداد السياح الزائرين لمصر، لن تحدث الانطلاقة الاقتصادية التى نترقبها.

وحتى يحدث ذلك لابد من إزالة العقبات التى تعترض طريق عودة الحركة السياحية ، ولكن هناك واقعة مهمة لابد من الإشارة إليها فى البداية ونحن نتحدث عن السياحة لأنها تمثل جريمة يعاقب عليها القانون، فليس من المعقول والمقبول أن يمنع واحد من أحدث فنادق وسط القاهرة المطلة على النيل دخول المحجبات إلى بعض مطاعمه وخاصة المطعم الأمريكى الموجود بالطابق الأخير، ففضلا عن أن ذلك يدخل ضمن التمييز الدينى الذى يحظره الدستور، والتى تؤكد المادة 53 منه أن المواطنين سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسى أو الجغرافي، أو لأى سبب آخر. وأن التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.

فإن منع مواطنة مصرية من دخول مكان مصرى فى قلب القاهرة بسبب التزامها بزى دينى هو جريمة كبرى لابد من تصدى أجهزة الدولة المسئولة لها فورا، علاوة على أن ذلك يؤثر بالطبع على السياحة العربية خاصة الخليجية عندما تفاجأ إحدى الأسر العربية بأنها ممنوعة من دخول مقصد سياحى فى وسط القاهرة لمجرد أن إحدى السيدات بها ترتدى الحجاب.

ولذلك فنحن فى انتظار تحرك عاجل من يحيى راشد وزير السياحة والأجهزة التابعة له لوقف هذه المهزلة فورا، وتطبيق الدستور والقانون على كل من يرتكب جريمة تمييز بحق أى مواطن.

أما الحديث عن معوقات عودة السياحة، فقد قيل كثير فى هذا السياق، وسنضرب مثلا واحدا بما قاله أحد رجال السياحة وهو محمد سمير عبدالفتاح فى ندوة إعلامية منذ عدة أشهر، حيث قال: الأزمة الحالية، أكبر أزمة شهدتها مصر منذ بدء رواجها السياحي، أزمة غير مسبوقة منذ 6 سنوات، ولم نر ذلك من قبل، وجزء منها سياسي، وجزء أكبر كأخطاء منا، الدكتور البلتاجي، كانت لديه تجربة، صعدت بأرقام مصر السياحية، من مليون إلى 8 ملايين سائح، فى أسوأ فترة كان بها حوادث إرهابية فى مصر، فبعد حادث الأقصر، قيل لنا: «أنتم لن تقوموا إلا بعد 10 سنوات»، لكن بعد عام، لم يكن هناك سرير واحد شاغر فى مصر، وذلك يؤكد أنه من الممكن أن ننهض بالسياحة، رغم التحديات الحالية، مثلا نحن نتحدث عن أوكرانيا كسوق واعدة، فأنا قادم من هناك مؤخرا، وأستطيع أن أقول لك، إننا لم نفعل أى مجهود هناك على المستوى الحكومي، وكل ما استطعنا جذبه، كان بمجهود القطاع الخاص.

وللأسف لم يتم افتتاح أى مكتب سياحى مصرى فى السوق الأوكرانية، فهى الدولة الوحيدة التى لم تصدر تحذيرا للسفر إلى شرم الشيخ، وسياحها كانوا يملأون شرم الشيخ، فى ذروة الأزمة هناك، ورغم ذلك لا يوجد لنا مسئول سياحى فى أوكرانيا، التى يصل تعدادها إلى 42 مليون نسمة، فى حين يجلس ممثل لنا فى التشيك، التى يصل تعدادها 10 ملايين نسمة، فبالنسبة للأسواق الجديدة، نحن نستطيع أن نفتح أسواقا جديدة فعلا، لكننا لا نفعل شيئا، نحن نتكلم فقط.

نحن فى الأسواق الرئيسية لم نفعل شيئا، فهل سنفعل فى الجديدة؟، ولابد من حملة دعائية فى أعلى مستوى بصورة علمية مضبوطة كى تحقق نجاحا، فنحن فى جمعية استثمار البحر الأحمر، قدمنا اقتراحا بإعادة هيكلة هيئة تنشيط السياحة، لتضم القطاع الخاص، فى ثلثى تشكيلها، بجانب الثلث الآخر للقطاع العام، وخبراء تسويق عالميين ومصريين، وقلنا إننا مستعدون لتحمل تكلفة الخبراء العالميين، فلابد أن يتم وضع القرار بشكل جماعي، وأن يكون الجميع من العاملين فى المنظومة جالسين على منضدة واحدة تضم أصحاب المصلحة والخبرة، ولابد من دور للهيئة العامة للاستعلامات، فى التعامل مع الصحافة الأجنبية، فى ظل استمرارها فى الحصول على أى خبر سلبى وتضخيمه.

انتهى كلام الرجل الذى لم يستجب له أحد حتى الآن، كما بثت قناة الحرة تقريرا مؤخرا عن شاب مصرى يدعى محمد يوسف، 35 سنة، الذى حصل على جائزة الابتكار التى تمنحها المنظمة العالمية للسياحة، بعد استخدامه التسويق الإلكترونى بطرق مبتكرة لاستقطاب سياح من مختلف دول العالم، وقال إن أحد أهم أسباب فشل الشركات الكبيرة العاملة فى مصر اعتمادها على الشكل «التقليدي» فى الدعاية مثل إرسال القوافل السياحية وإقامة المعارض، فى حين تجاهلت التسويق الإلكتروني.

ويستشرف هذا الشاب إمكانية الوصول إلى 25 مليون سائح سنويا إذا تم «العمل من خلال فريق كامل مع توافر الدعم المادى والدعاية»، ويتابع «هذا الرقم قابل للتحقيق، فدول أخرى حققت ذلك مثل الإمارات وتركيا».

وتعتمد خطة محمد التسويقية على تصنيف المواقع التى يستخدمها السياح لحجز رحلاتهم إلى عدة تصنيفات، مثل وضع قائمة لأشهر محركات البحث المستخدمة، وأخرى للمواقع الشهيرة للحجز مثل Trip advisor ومواقع التواصل الاجتماعي.

خصص محمد لكل تصنيف فريقا إلكترونيا كاملا يتولى التسويق للسياحة من خلال التفاعل مع كل ما يقال على تلك المواقع والرد على التعليقات السلبية وإبراز التعليقات الإيجابية.

لماذا لا تتواصل وزارة السياحة مع هذا الشاب وتستعين بأفكاره للمساعدة فى عودة حركة السياحة بشكل قوى إلى مصر.

< كلمات:

ليس الخطأ هو السقوط، بل البقاء فيه

مارى بكفورد
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف