عباس الطرابيلى
خسائرنا من زيادة سعر الفائدة
تحت دعاوى مواجهة التضخم، تحاول الحكومة سحب ما بقي في جيوبهم من أموال أو ودائع!!
فهي مرة ترفع سعر الفائدة 2٪ دفعة واحدة لإقناع الناس بإيداع أموالهم في البنوك، لتصبح تحت رحمة الحكومة.. مرة تطرح أذونًا على الخزانة بمليارات عديدة وبفائدة 22.5٪ أمام من يملكون المال، في الداخل.. أو الخارج. لأن صاحب المال لا يهمه إلا حجم ما يعود عليه من فوائد.. والحكومة في الحالتين تعرف أن حصيلة هذه الودائع.. وحصيلة أذون الخزانة تصب في «حجر» الحكومة. أي هي المستفيد الأكبر.
<< وبذلك تزيد ديون الحكومة الداخلية.. وترتفع أيضا ديونها الخارجية. والكارثة هنا أن الدولة ملزمة بسداد فوائد هذه الديون وتلك وهي ما يسمي «خدمة الدين» ومع تعاظم الديون تزيد هذه الفوائد التي تعجز الموارد الطبيعية عن الوفاء بها فما بالنا عندما تعجز الحكومة عن سداد أصول هذه الديون نفسها وهي بعشرات المليارات من الدولارات بالنسبة للديون الخارجية وبمئات عشرات المليارات من الجنيهات بالنسبة للديون الداخلية. وبين عجزنا عن سداد فوائد هذه الديون- فضلا عن أصولها- يتزايد حجم ما يتحمله المواطن شخصياً من ديون..
ويجب أن ننتبه هنا إلي أن زيادة الفوائد علي أذون الخزانة المطروحة الآن تؤدي إلي تدافع المستثمرين- العرب والأجانب- لشراء هذه الأذون مما يمثل خطرا علي أوضاعنا المالية الحالية.. وفي المستقبل.. وهنا قد يلوح في الأفق كارثة «صندوق الدين» الذي فرضته الدول الأجنبية على الخديو إسماعيل بهدف حماية أموال الدائنين وهو ما نتج عنه من فرض وزيرين أحدهما انجليزي والثاني فرنسي على مالية مصر وعلى وزارة الأشغال.. وكان ذلك بداية لما تعرضت له مصر من كوارث أدت إلي احتلال بريطانيا لمصر عام 1882..
<< ولمزيد من التوضيح نقول إن رفع سعر الفائدة1٪ يكلف الموازنة العامة نحو 20 مليار جنيه علي كل مستوي الدين العام.. فقط 1٪، فماذا وقد ارتفعت الفائدة إلي 22.5٪. ومن أين نسددها.. نقول ذلك لأن متوسط زيادة الإنتاج القومي في أدني أحوالها ولا يمكن أن توفي بسداد هذه الفوائد.. فماذا عن قدرتها علي سداد أصول الدين.
ونتساءل هنا هل يتحمل الاقتصاد المصري تبعات الوفاء بخدمة هذه الديون،أم اننا ننتظر بدء إنتاج حقل ظهر للغاز الطبيعي في المياه الاقتصادية المصرية في البحر المتوسط.. هنا أقول: ولا حتي 10 حقول للغاز في نفس مستوي إنتاج حقل ظهر قادرة علي الوفاء.. طالما بقي متوسط زيادة الإنتاج القومي عند أرقامه الحالية.. لأننا- ببساطة- أصبحنا شعباً مستهلكاً.. ولم يعد الإنتاج القومي يغطي إلا ربع ما نستورده، ونستهلكه من طعام أو شراب.. أو حتى من التساؤل. وتلك هي الكارثة الحقيقية.
<< ثم هل درسنا تبعات زيادة سعر الفائدة كما يجب.. وهل نعرف أن ذلك يؤدي إلي قتل البورصة وحركة البيع والشراء فيها.. لأن أرباح البورصة لا تصل أبداً إلي ربع الأرباح الناتجة عن الودائع وأذون الخزانة..
والطريف أن خطوة زيادة سعر الفائدة تجئ في نفس الوقت الذي قررت فيه الحكومة طرح نسبة كبيرة من أسهم واحدة من أكبر شركات البترول- هي شركة إنبي- في البورصة؛ لأن أي مشترٍ عاقل سيفضل ايداع أمواله في البنوك ليحصل علي السعر العالي دون ضرائب ودون أي جهد، عن أن يشتري أسهم شركة إنبي. تماما كما سيفكر ويقرر شراء أذون الخزانة بسبب فائدتها العالية علي أي أرباح متوقعة من شراء أسهم شركة إنبي..
<< أي أن قرار زيادة سعر الفائدة سلبي علي طول الخط. وهذا يؤكد أننا لا نفكر مطلقا في تبعات أي قرار.. وهنا الكارثة!!