جلال دويدار
انشقاقات «حزب الوفد» تخدم الحياة السياسية
ليس في صالح الدولة المصرية المأمولة ولا في صالح ارساء نظام سياسي ديمقراطي حزبي داعم لوجودها واستقرارها.. ما يتعرض له حزب الوفد من انشقاق وانقسامات وخلافات. كل المؤرخين والمتابعين للاوضاع السياسية في مصر المحروسة يعلمون ويدركون ان هذا الحزب كان المحور الاساسي لأي تحرك سياسي شعبي في مصر قبل ثورة يوليو 1952. كان احد اخطاء هذه الثورة اقدامها علي حل الاحزاب السياسية والاعتماد علي نظام الحزب الواحد الذي يفتقد الي الحماس والالتفاف الشعبي. ادي هذا الانحراف الي تحويل الحكم الي ديكتاتورية والدفع بالدولة الي السقوط في العديد من اخطاء القيادة والاداء.
كل الذين عاشوا الفترة السياسية المزدهرة في مصر رغم كل ما يشاع بشأنها من مفاسد يعلم ويدرك ان حزب الوفد الذي يتعرض حاليا لأزمة داخلية.. كان علي قمة القيادة والاستحواذ علي الاغلبية البرلمانية. كانت بدايته علي يد الزعيم العظيم الراحل سعد زغلول ورفاقه الذين قادوا الكفاح والنضال ضد الاستعمار البريطاني وتعرضوا في سبيل ذلك لاستبداد وانتهاكات هذا الاستعمار. قاد المسيرة بعد ذلك مصطفي النحاس باشا الذي كان مثالا للوطنية والولاء والانتماء لمصر حيث قامت ثورة يوليو ٥٢ بتجميد دوره ونشاطه.
علي ضوء النظرة الثاقبة للزعيم الراحل انور السادات الذي خلف جمال عبدالناصر وايمانه بأهمية التعددية الحزبية. اعيد حزب الوفد الي الحياة مرة أخري في الثمانينات برئاسة فؤاد سراج الدين. استطاع الحزب رغم العقبات والظروف غير المواتية ان يستعيد مكانته ووجوده في الحياة السياسية المصرية. وبرحيل سراج الدين آخر رواد حزب الوفد دخل الحزب في العديد من المشاكل إلي أن تولاه السيد البدوي خلفا لنعمان جمعة. لم تخل ادارة الحزب منذ هذا الوقت من الاخطاء التي كان أخطرها التحالف بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ مع جماعة الارهاب الاخواني التي كانت عدوا سياسيا لدودا للوفد منذ تأسيسها عام 1928.
لم يستمر هذا التحالف طويلا نتيجة رفض قواعد الحزب له تمشيا مع مواقف ومباديء الحزب التاريخية. في اطار تعديل المسار نحو ثوابته.. تواصل هذا الالتزام في تأييد الحزب لانهاء الحكم الاخواني وتأييد ثورة 30 يونيو. ونظرا لفقدان التواصل مع القواعد الشعبية الراسخة في الريف المصري فإن الحزب لم يحقق النجاح المأمول في الحصول علي ما يستحق من مقاعد في مجلس النواب الحالي. ساهم في هذا الإخفاق غياب التوافق والانسجام والايمان بمباديء الوفد والاخلاص لها. يضاف إلي ذلك انه لم يكن هناك اجماع فيما يتعلق باتخاذ مواقف واضحة تجاه القضايا التي تشغل الرأي العام.
ان عدم الشفافية وعدم الوضوح وعدم التآلف كان وراء الخلاف الذي فجر الازمة حول قضية تبعيةجزيرتي تيران وصنافير في مجلس النواب. كان من نتيجة ذلك تناقض وتعارض موقف أبو شقة نائب رئيس الحزب ورئيس اللجنة التشريعية في المجلس مع موقف الحزب. هذا الامر دفعه الي الاستقالة. رغم رفض اللجنة العليا للحزب لهذه الاستقالة الا ان ذلك لم يمنع تصاعد الانشقاق والخلاف داخل الحزب.
لا جدال أن كل السياسيين الشرفاء المهتمين بالشأن الوطني حريصون علي انهاء الخلافات داخل حزب الوفد وأن يعود عنصرا فاعلا في اثراء الحياة السياسية. ان ما يحتاجه الحزب هو الالتفاف والتوافق والحسم القيادي الذي يجب ان يتسم به اداء الحزب لمسئولياته. من المؤكد ان استعادة هذا الحزب لوجوده وقوته هو دعم للحياة السياسية في الدولة المصرية. تعظيم هذا الهدف يحتاج الي خطة تحرك داخل كل اقاليم مصر لاحياء وانعاش الولاء والانتماء لهذا الحزب ومبادئه.