قادتنى المصادفة إلى زيارة مبنى محكمة الخانكة، المبنى فى منطقة أقرب للسوق، الشوارع المحيطة أغلبها ترابية، ربما بفعل أعمال تجرى لمرافق، وربما لكثرة الضغط والزحام، المبنى من الخارج يوحى بقدمه، سألت على البوابة عن نيابة العبور
ــ الدور الخامس
ــ فيه أسانسير
ـــ خاص بالباشاوات
ــ طيب والباشا المواطن
ــ السلالم
عندما خططت الحكومة لإنشاء مدينة العبور، خصصت مساحة لقسم شرطة، أظنه الوحيد الذى تتحمل قوته مهمة الأمن فى جميع أحياء المدينة المترامية على امتداد صحراء طريق الإسماعيلية، ولا أعرف لماذا لم تخصص مساحات مماثلة للنيابة العامة وأخرى لمحكمة، ولا نعرف حتى لماذا اختاروا مدينة الخانكة لكى تستقبل نيابة العبور، المسافة بين المدينتين أكثر من 15 كيلو مترا، وتحتاج لأكثر من مواصلة، مواصلة من العبور إلى موقف العاشر، وأخرى إلى الخانكة.
رغم أننى من مرضى القلب، فقد سبق وركبت خمس دعامات، لم أجد أمامى سوى صعود سلم المحكمة من الطابق الأرضى وحتى الطابق الخامس، قلت: أرتاح لدقائق بين الطوابق، وإن شعرت بالتعب أتوقف عن الصعود، المشهد بشع لقذارته، والرائحة كريهة جدا لا يمكن تحملها، كأنك تصعد فى مرحاض عام، وارتفاع حرارة الجو تشعرك بالاختناق، سارعت فى الصعود للتخلص من المشهد المؤذى والرائحة الكريهة، الطوابق غير مكيفة، وكلما صعدت ارتفعت درجة الحرارة، بسبب الزحام وقلة النوافذ، الإهمال وعدم النظافة سمة الطوابق، رواد المحكمة يقومون بالواجب، بعد معاناة فى الصعود وصلت بحمد الله إلى الطابق الخامس، أرشدنى أحدهم إلى مقر النيابة، استفسرت عن المحضر الذى جئت من أجله، طلبت صورة رسمية، رجع الموظف إلى دفاتر ورقية، ثم إلى رزمة مربوطة بالحبال، أخرج من بينها المحضر، وقدم لى طلبا وقعته من مكتب مجاور، ونزلت طابقين لتسديد رسوم «3 جنيهات للورقة»، وعدت للطابق الخامس، واستلمت المحضر بعد توقيعه ووضع الأختام عليه، لم تستغرق العملية خمس أو عشر دقائق، ونزلت إلى الشارع وأنا أتساءل: كيف يعمل يوميا المستشارين وأعضاء النيابة فى هذا المبنى الذى أهملته يد النظافة؟، وكيف يتحمل رواد المبنى الانتظار والتحرك فى الحرارة المرتفعة؟، ولماذا ترك المبنى مهملا بدون نظافة؟، ولماذا لم تنقل النيابة إلى مدينة العبور ويخصص لها مكاتب مؤقتة لحين البناء فى مبنى رئاسة جهاز المدينة؟، لماذا لا تستأجر وزارة العدل مبنى فى أحد أحياء المدينة؟، ولماذا لم تبن الوزارة مبنى للمحكمة حتى اليوم؟، وماذا لو شبت النار فى ملفات النيابة أو أطالتها المياه؟، لماذا لم يتم إدخال جهاز الكمبيوتر حتى اليوم فى كتابة المحاضر، وفى حفظها، وتصنيفها، وتصويرها؟، لماذا لا تتاح خدمة استخراج صورة من المحاضر أو الاستفسار عن قضية من أقرب مكان لمنزلى أو عملى أو عبر الإنترنت؟، لماذا لا يمكننا الحصول على الخدمة من أقرب محكمة أو نيابة؟، لماذا ننتقل ونسافر كل هذه المسافة؟