الوفد
علاء عريبى
علم فى المتبلم
منذ عدة سنوات قلت لنفسي لا يعقل أن تعمل بالصحافة وأنت تجهل بعض التعاملات الاقتصادية، عليك أن تتعلم المعاملات فى البورصة، وعليك أن تفهم الفرق بين الودائع، والفرق بين السندات والأسهم، ماذا لو دعيت إلى ندوة أو جلسة تجمع بعض المستثمرين أو المصرفيين، ورددوا أمامك هذه الكلمات، ماذا ستفعل حينها؟، الاقتصاد ليس نوتة عم شبل البقال، ولا جدول الضرب الذى كان يكتب على الغلاف الخلفى للكراسة المدرسية، الاقتصاد أسهم، وسندات، وأوراق مالية، ومضاربات، ومشروعات، وقروض، وصكوك، وشراكة، وتضخم، ومعدلات نمو، وبطالة.
جلست أمام البرامج المتخصصة أستمع بإنصات شديد وتركيز أكبر، كنت أسجل بعض المصطلحات والتعريفات، عندما كانوا يذكرون الأسهم، كنت أعود بذاكرتي لأيام الطفولة، فقد كنا نمتلك فى بيتنا العديد من الأوراق، عرفت فيما بعد من والدى رحمة الله عليه أنها أسهم فى شركة كيما، وأخرى أسهم فى شركة الألومنيوم أو الحديد والصلب، وأذكر أن والدتي كانت تعاتب أبى على هذه الأموال التى يرميها فى شوية ورق، والدي كان يحكى بفخر عن أنه شارك من خلال هذه الأوراق فى بناء مشروعات وطنية، وحكي لي أن الرئيس عبدالناصر عندما قرر إقامة صناعة وطنية فى مصر، حاول أن يستعين ببعض الدول، لكن للأسف قامت أمريكا وأوروبا بمحاصرته بسبب السياسات التي كان ينتهجها، لذلك قرر أن يعتمد على المواطن المصري في بناء هذه الصروح الصناعية، ففتح الباب للمشاركة الشعبية، وسميت هذه المشاركة بالأسهم، وقد اختلفت المشاركات باختلاف حجم، وكم، وقيمة الأسهم التى يشتريها المواطن، وقيل أيامها إنها سوف تدر دخلاً وأرباحاً للمساهمين، عندما كنت أسأله عن الأرباح التى صرفها من الأسهم، كانت والدتى تبدأ المندبة: ضيع الفلوس فى شوية ورق، ايه اللى خدناه، نصبوا علينا فى الآخر، لا طولنا بلح الشام ولا عنب اليمن، وكان والدى رحمة الله عليه يلتمس الأعذار والمبررات لعبدالناصر وللحكومة وللشركات التى ساهم فيها، وكان يؤكد أننا سوف نسترد قيمة الأسهم بسعر السوق الحالى وليس بقيمتها عندما قمنا بشرائها، وكانت والدتي تؤمن دائما على كلامه بقولها: بكره نقعد على الحيط ونسمع الطيط.
بعد فترة من المواظبة الدؤوبة على قراءة الكتب المتخصصة والاستماع إلى البرامج الاقتصادية وبرامج البورصة وقراءة الصفحات الاقتصادية قلت فى نفسي: حان وقت الاختبار، يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان، حشرت نفسي فى وضع اختبار، المفاجأة التى لم أكن أتوقعها ولم تكن تخطر لى على بال، للأسف كما بدأت عدت، أو كما يقولون: علم في المتبلم يصبح ناسي.
يقال: إن المتبلم هو المتبلد، وأن المتبلد هو الذي حرم الذكاء.، اللهم اعف عنا يا رب.
قد يتطابق ما ذكرته مع بعض الأشخاص والأسر والعائلات، لكنه فى النهاية من صنع الخيال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف