الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. رياضة.. رياضة.. وماله
الصحفي الكبير كمال الملاخ كان في بداية حياته الصحفية يعمل في دار "أخبار اليوم" وكان له باب أسبوعي فريد من نوعه.. كل أسرار النجوم وأخبار المجتمع الراقي وما حدث في حفلات الياقة المنشية والبابيونه.. باب يعشقه قراء مصر بالذات الذين يعشقون فضائح الطبقة الغنية.. اختطفه هيكل ليتحول الباب الأسبوعي إلي باب يومي في الصفحة الأخيرة "بالأهرام" واختار له اسماً "من غير عنوان" كتب الملاخ هذا العنوان بخطه بطريقة الكتابة بالفرشاة بدلاً من القلم.. نفس العنوان بنفس ريشة الملاخ موجود حتي الآن رغم مرور ما يزيد علي ستين عاماً.
قال صديقي الملاخ في بداية عمله "بالأهرام" أن الناس أصبحت تقرأ "الأهرام" كما تقرأ الصحف الأجنبية "من الشمال إلي اليمين".. يعني القراء يبدأون بقراءة الصفحة الأخيرة قبل الأولي!!
***
وكنت أيامها أفجر أكبر انفجار صحفي وهو "إدخال الجورناليزم" في باب الرياضة الذي كان لا يزيد عن ركن علي نصف عمودين في ذيل أي صفحة داخلية من أجل نشر الأخبار الجافة المختصرة فقط.. فأصبحت الرياضة لأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية صفحتين كاملتين في نهاية جريدة "المساء" فيهما كل فروع الصحافة.. الخبر والريبورتاج والحديث والحوار والصورة والكاريكاتير "مصطفي حسين في بداية عمله".. وكنت أكتب نصف عمود يومي اخذت عليه دبلومة من اللجنة الأولمبية الدولية في سويسرا.. لذا رددت علي الصديق كمال الملاخ.. كتبت أنني نصحت رئيس التحرير بأنه إذا كان مانشيت الجريدة في عرض الصفحة الأولي له أهمية كبيرة يعطينا رئيس التحرير فكرة لكي نكتب له تنويهاً عن الخبر عندنا في صفحة الرياضة التي يقرأها كل الناس!! مداعبة صحفية!!
***
ومازال باب الرياضة له بريقه ويقرأه كل الناس.. والكتابة في الرياضة متعة وحنين لماضي جميل..
نعود إلي الرياضة فنجد أن أخبار اعتزال النجمين الكبيرين عماد متعب وحسام غالي هي المسيطرة علي وسائل الإعلام هذه الأيام.. وهذا شيء طبيعي.. فالاعتزال هو أخطر ما يقابله أي نجم في تاريخ حياته كلها.. اعتزال نجم الكرة أو نجم الفن أو نجم المجتمع هو اليوم الفاصل بين حياتين مختلفتين تماماً.. بعد كل الأضواء والشهرة والمال بلا حدود والصلة والاتصال بكل مسئولي البلد الكبار وقضاء كل الطلبات بمجرد الطلب.. بعد كل هذا وأكثر من هذا الاعتزال هو الظلمة والظلام.. هو إسدال الستار علي ماضي لن يعود.. هو أربعة جدران لا أكثر.
***
سأروي لكم حكاية.. كما تعودنا..
محمد أبوحباجة.. ظهير الأهلي ومصر والمنتخب العسكري نجم ولا كل النجوم.. كان محمود بدر الدين ومحمد لطيف ومحمد أبوالعز معلقو الإذاعة لهذا الجيل كانوا ينطقون اسم أبوحباجة بطريقة خاصة.. مط النطق بكل حرف.. كان أبوحباجة خليفة حنفي بسطان في نجومية الدفاع ولكن زاد عليه باختراقه احياناً الصفوف حتي مربع مرمي الخصم وهذا معناه هدف لا محالة.
مرة منذ فترة طويلة.. دخلت محلاً كبيراً مشهوراً في مصر الجديدة فوجدت أبوحباجة أمامي في طريقه للخروج.. فتعانقنا بصوت عالي.. كان قد اعتزل ولم أره منذ مدة.. وتحدثنا سوياً داخل وخارج المحل.. وعندما رجعت إلي المحل التف حولي موظفو المحل وسألوني:
- هذا الرجل شكله ليس غريباً علينا.. من هو؟؟
- صرخت.. اخفيت وجهي بكفي.. محمد أبوحباجة نسيه الناس.. ويصرخ عمال المحل.. ياه.. هوه أبوحباجة بتاع زمان وكان يجب أن نجامله ونعطيه حقه علينا وعلي البلد.
قصة تعلم منها ما اثر الاعتزال علي باقي سنوات النجم!! هناك قصص اعتزال مشهورة جداً وكثيرة موعدي الأيام القادمة بإذن الله تعالي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف