أحمد كامل البحيرى
الأسباب السبعة وراء العملية الإرهابية في جنوب رفح
تعتبر العملية الإرهابية التي وقعت في جنوب رفح بسيناء هي الأكبر ما بين الأربع عمليات الإرهابية التي ضربت البلاد خلال أسبوع من حيث عدد المنفذين من العناصر الإرهابية من جانب، وعدد الشهداء والمصابين من قوات الأمن من جانب آخر، حيث سقط ما يقرب من ٢٦ شهيدا ومصابا من قوات الجيش٬ وبتحليل تكتيكات وتوقيت العملية نجد مجموعة من الملاحظات من الناحية السياسية والأمنية، على النحو التالي:
أولا: تأتي تلك العملية بعد ساعات من هزيمة تنظيم داعش في الموصل بالعراق وبالتزامن مع تحرير بنغازي في ليبيا من عناصر التنظيم بجانب بعض التنظيمات المسلحة الأخرى٬ وهو ما يجعل من تلك العملية محاولة (إثبات وجود) إن صح التعبير.
ثانيا: جاءت العملية الإرهابية في رفح بعد أيام من زيارة وفد رفيع المستوى من حركة حماس بقيادة يحيى السنوار وخروج الزيارة بتحقيق بعض النجاحات بين مصر وحماس في ضبط الحدود وامتدت تلك النجاحات إلى بعض الملفات الأخرى٬ وهو ما يعتبر تهديدا مباشرا لتنظيم بيت المقدس.
ثالثا: تعتبر هذه العملية الإرهابية التي وقعت جنوب رفح هي العملية الأكبر التي تقع منذ أكثر من عامين٬ فقد انخفض معدل العمليات الإرهابية الموجهة إلى قوات الجيش في سيناء من قبل تنظيم بيت المقدس بعد هزيمة التنظيم في ١ يوليو ٢٠١٥، فخلال ما يقرب من ١٨ شهرا لم تقع إلا عملية إرهابية واحدة في ٩ مارس ٢٠١٧ أسفرت عن مقتل وإصابة ما يقرب من ١٠ من قوات الجيش.
رابعا: تأتي تلك العملية الإرهابية في نطاق عمليات إحداث فوضى وارتباك بين قوات الأمن طبقا لاستراتيجية داعش وليس في نطاق عملية التمكين، ولذلك تعتبر هذه العملية الإرهابية تختلف عن مجمل العمليات الإرهابية التي قام تنظيم بيت المقدس بتنفيذها قبل يوليو ٢٠١٥ في سيناء.
خامسا: اختيار تنظيم بيت المقدس استهداف نقطة ارتكاز أمني لقوات الجيش بمنطقة أبو عقلة بهدف تعطيل عمل تلك النقطة الأمنية لأهميتها الاستراتيجية، حيث يقع الارتكاز الأمني المستهدف بمنطقة أبو عقلة بالقرب من قرية البرث، وهي تبعد حوالي خمسة كيلو مترات عن قرية الجورة٬ وهي نقطة قريبة من خط الحدود الدولي٬ بجانب تمركز النقطة الأمنية على منطقة مرتفعة (تبة) تكشف كل ممرات وطرق الربط بين قرى البرث وصولا إلى قرية الجورة، ولذلك تعتبر تلك النقطة الأمنية إحدى أهم نقاط الارتكاز الأمني لقوات الجيش ومنذ إنشاء تلك النقطة الأمنية وهناك تراجع حاد في قدرة العناصر الإرهابية على الحركة والانتقال بين القرى المختلفة بتلك المنطقة.
سادسا: تعتبر تلك العملية الإرهابية ثاني كبرى العمليات الإرهابية من حيث عدد العناصر (الانغماسية) التي يستخدمها التنظيم الإرهابي في العمليات الإرهابية٬ وهو ما يؤكد النقطة الثانية من الملاحظات بأن هذه العملية الإرهابية تأتي في إطار إحداث الفوضى والارتباك وليس التمكين٬ فالحديث عن العنصر الثالث من استراتيجية تنظيم داعش وهي (التمكين) أصبحت مستحيلة الحدوث، ليس فقط لفشل التنظيم في تحقيقها في ١ يوليو ٢٠١٥، بل لتراجع قدرة التنظيم في السيطرة على الأرض مقارنة بما كان قائما خلال أعوام ٢٠١٣ ٬ ٢٠١٤ ٬ ٢٠١٥ ٬ وهو ما دفع تنظيم بيت المقدس لاستخدام مفهوم حرب العصابات، حيث الكر والفر. سابعا: تعتبر تلك العملية بداية لاستخدام متزايد لمفهوم (الانغماسيين) والتي من المرجح أن يلجأ التنظيم والعناصر الإرهابية إليها خلال الفترة المقبلة في أغلب العمليات الإرهابية، وهو ما يتطلب تكتيكا جديدا للمواجهة. في المجمل هناك العديد من الأسباب التي دفعت تنظيم بيت المقدس للقيام بتلك العملية الإرهابية، ولكنْ هناك دافع أهم يأتي في مقدمة تلك الأسباب وهو دخول تلك العناصر مرحلة المبايعة على الموت٬ وهي أقرب لمفهوم حرب الاستنزاف٬ وإن كان تأثير تلك الحالة كبيرا على الدولة في عدد الضحايا، إلا أنه دالٌّ على سقوط استراتيجية داعش والتي جاءت في كتاب (إدارة التوحش)٬ بمعنى أدق: إن مفهوم إقامة دولة الخلافة على طريقة داعش أصبح أمرا غير قابل للتحقق.