المساء
السيد العزاوى
الاستقامة طوق النجاة في الدنيا والآخرة!!
جاء رجل إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وسأل قائلاً: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك. في التو واللحظة جاءته الإجابة من سيد الخلق ـ صلي الله عليه وسلم ـ وتتمثل في "قل آمنت بالله ثم استقم" إجابة مختصرة ولكنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني. فبعد الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واستقراره في وجدان العبد.. يمضي في حياته مستقيماً يحفظ جوارح عما يغضب الله سبحانه. يصون لسانه عن تناول الآخرين حتي وإن تعرض للإيذاء من بعض الجهلاء. حتي المشي فوق الأرض يكون بالتواضع والمسلم حقاً يدرك هذه المعاني الطيبة التي يلتزم بها وتكسبه رضا رب العالمين ومحبة الناس الذين يتعامل معهم. العمل الجاد مهمة أساسية وصدق رب العباد حيث يقول: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة هم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم" 30 ـ 32 فصلت.
هذه القيم التي إذا التزم بها المسلم كانت بمثابة طوق النجاة له من هموم الدنيا والفوز برضا الحق تبارك وتعالي ونيل الدرجات العليا في جنة الفردوس تفضلاً من الله سبحانه وتكريماً لمن يستقيم في العمل الصالح لا تلهيه أعباء الحياة وهمومه عن المضي في طريق الاستقامة. "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار". هذا الالتزام جزاؤه من رب العالمين "ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب" هؤلاء الرجال من أهل الاستقامة يدركون أن الرضا بما قسم الله لهم من رزق هي قمة السعادة التي يعيشون تحت ظلالها. يتطلعون دائماً إلي رضا رب العالمين. إذا مشوا في الطريق يدعون إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" إذا جاءتهم السيئة فإنهم يقابلونها بالحسنة هذه الدرجات لا يرتقي إليها أي مسلم إلا إذا كان الصبر ورضا الحق تبارك وتعالي من أهم حلفائه. لا يحيد عن الالتزام بالصبر رافعاً أكف الضراعة إلي الله تبارك وتعالي لكي يمن عليه بالتوفيق والاستمرار في العمل الصالح بكل همة ونشاط دون التفات لنوازع النفس البشرية ونزغات الشيطان. يضعون نصب أعينهم قول ربنا "وإما ينزغنك الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم".
هؤلاء المستقيمون كل آمالهم أن يغفر الله لهم خطاياهم. لأن العبد أياً كان التزامه واستقامته فإنه يتردد في خاطره دائماً طمع بأن يتجاوز الله عن الخطايا التي تقع منه. لأن كل ابن آدم خطاء. ويتمثل في خاطرهم أيضاً أقوال وأفعال سيد الخلق محمد بن عبدالله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقد كان في قمة الالتزام والعلم الصالح وعندما سئل: لماذا الاجتهاد الشديد يا رسول الله في العمل والعبادة مع أن الحق تبارك وتعالي قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فإذا به ـ صلي الله عليه وسلم ـ يرد عليهم قائلاً: أفلا أكون عبداً شكوراً.
الأنبياء والصالحون هم الأسوة الحسنة لهؤلاء المستقيمين. فالأنبياء دائماً العمل الصالح في مقدمة التزامهم وشكر نعم الله هو الأسلوب الأمثل وعلينا أن نتأمل قول ربنا عن سيدنا داوود وابنه سيدنا سليمان لندرك مدي هذه القدوة الطيبة بقول ربنا "ولقد آتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين. وورث سليمان داود. وقال يا أيها الناس عُلِّمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين" ذلك هو الطريق الذي يسلكه المستقيمون. ويستقر في قلوبهم قول ربنا علي لسان سيدنا سليمان: "رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلي والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" إنها منتهي آمال المستقيمين ويتطلعون دائماً إلي أن يشملهم الله بعنايته ويمن عليهم برحماته ويضمهم إلي قائمة الصالحين. وفي الختام نتطلع بكل الرجاء إلي رب العالمين أن يحقق لنا هذه الأمنية إنه ولي ذلك والقادر عليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف