الأخبار
عادل حمودة
«سوشيال ميديا».. كل شيء مباح ولكن الثمن »تأبيدة« أو فضيحة !
كثير من المصريين علـي شبكـــات التواصل الاجتمــاعي دقيقـة طـهارة وسـاعة دعـارة!
تعليقات النخبة بالشتائم علي الآراء السياسية تكشف عن خوف من العقاب لكن ذلك لن يدوم!
تـــــرامب وصــــل إلــي البيــت الأبيض بتغــريدات أرســلها
إلي الأغلبية الصامتة وموقع إلكتروني كلفه 1500 دولار!
إذا أردت تسجيلا لمكالماتك العاطفية أو السياسية أو الجنسية فمن فضلك اتصل بهيئة الأمن القومي الأمريكية!

أخطر ما قرأت مؤخرا في صحيفة واشنطن بوست أن مجتمع المخابرات العالمي نجح باستخدم المعلومات التي ينشرها مواطنو كل دولة في رسم خرائط نفسية وصحية وسياسية لهم وتساءلت بيني وبين نفسي : تري ما طبيعة الخريطة التي رسمت للشعب المصري؟.
وجاءت الإجابة من متابعتي لشبكات التواصل الاجتماعي في غير صالحنا وتعبر عن نخبة يسيطر عليها تناقض حاد بين الطهارة والدعارة.. فالذين ينشرون الأدعية والآيات وبوستات »جمعة مباركة»‬ هم أنفسهم الذين يسجلون أعلي مشاهدة لمواقع الفضائح الجنسية خاصة إذا كان أبطالها من المشاهير.
بدا في قفص محكمة جنايات أمن الدولة العليا مثل أمراء الجماعات الإسلامية.. لحية بلا شارب.. مصحف لا يفارق جيبه.. ومسبحة يحرك حباتها بأصابعه.
وعندما حكم عليه يوم 17 يوليو 2011 بالسجن المؤبد 25 سنة طلب سجادة صلاة وهو يتمتم بصوت خافت: »‬حسبي الله ونعم الوكيل».. لكنه.. في الحقيقة كان واحدا من أخطر الجواسيس الذين جندتهم المخابرات الإسرائيلية.. سافر طارق عبد الرازق عيسي إلي الصين ليدرب علي القتال بطريقة »‬كونج فو» لكنه كان كمن يبيع المياه في حارة السقايين فلم يجد ناديا واحدا يوظفه.
متطوعا من تلقاء نفسه دخل علي الموقع الإلكتروني للموساد عارضا خدماته.. وعندما لم يجد ردا ذهب بقدميه إلي السفارة الإسرائيلية في بكين ثلاث مرات.. لكنه لم يجد من ضباط مخابراتها سوي الإهمال.. فقد خشوا أن يكون فخا نصب لهم.
وأمام إلحاحه الشديد وضعوه تحت المراقبة عدة شهور.. طلبوا منه بعدها السفر إلي الهند ومنها إلي نيبال مروراً بكمبوديا ليعود من جديد إلي الهند لتسمي قضيته فيما بعد بـ»‬الفخ الهندي »‬.. وتحملت زوجته »‬رحمة» تكاليف السفر دون أن تعرف حقيقة ما يرمي إليه زوجها.
بعد اختبارات متنوعة وشاقة وثق الإسرائيليون فيه ودربوه تدريبا راقيا للحصول علي المعلومات بواسطة جهاز كومبيوتر حديث يتصل بشبكة الإنترنت ليسجل لنفسه أنه أول جاسوس مصري يستخدم تلك التكنولوجيا المتطورة بعيدا عن النظم التقليدية في التجنيد والتدريب.
عبر مدوناته الشخصية تواصل مع شباب مصر ــ استغل رغبتهم في الهجرة والعمل الخارجي في الحصول منهم علي ما يتاح لهم من معلومات وسعي إلي تكوين شبكة منهم تخدم إسرائيل دون أن ينتبهوا إلي الفخ فقد تصوروا أنها دردشة فيس بوك.
وتوسع أكثر ليتواصل مع شخصيات فلسطينية مؤكدا أنه وثيق الصلة بأثرياء عرب سيمدون المقاومة بالسلاح والمال وهو ما فتح أمامه كنزا من المعلومات عن منظمات تنفذ عملياتها في الأراضي المحتلة وحدث ذلك كله في »‬غرف الشات» الإلكترونية.
ولثقة الموساد فيه كشف له عن »‬أبو فادي» ضابط المخابرات المسئول عن العملاء في سوريا وكان منهم نقيب في الجيش السوري »‬هو صالح الناجي» جند أثناء علاجه في فرنسا وكلف طارق عيسي بتدريبه.
لكن.. المخابرات المصرية كانت قد رصدت اتصالات »‬أبو فادي» وطارق عيسي بعد أن دفعت بمصدر لا يشك فيه بجهاز كومبيوتر قدمه هدية إلي طارق عيسي وهو ما سهل تتبع اتصالاته بصالح الناجي الذي جند بدوره شبكة من العملاء في بلاده.
قدمت مصر ما لديها من تسجيلات إلي سورياــ بعد أسبوعين من وضع يدها علي طارق عيسي فقبض علي صالح الناجي وأعدم.
كان طارق عيسي في مطار القاهرة يستعد للعودة إلي بكين عندما وجد رئيس نيابة أمن الدولة طاهر الخولي علي باب الطائرة واتضح أن جاسوس »‬الكونج فو» نزع أربع صفحات من جواز سفره حتي لا يكشف عن البلاد التي زارها.
كان جهاز الكومبيوتر الذي يحمله يتضمن برنامجا لإخفاء المعلومات لا يسمح لغيره بالكشف عنها ودون ضغوط راح يعترف بكل شيء عارضا تجنيده عميلا مزدوجا ليوقع بأبو فادي لو سمح له بالسفر لكن ذلك لم يحدث.
لقد غيرت تكنولوجيا الاتصالات من وسائل تجنيد الجواسيس كما أوقعت في شباكها أبرياء يمكن أن يدلوا بما لديهم من معلومات علي شبكات التواصل الاجتماعي دون أن ينتبهوا إلي أنها تفيد أجهزة مخابرات معادية.
لم يعد التجنيد بالإغواء أو الابتزاز.. أصبح تجنيدا عن بعد عبر شبكات معقدة.. تطير في الأثير.. لا تعرف لها أولاً من آخر.. ولها مفاتيح وشفرات تتغير بلمسة أصبع علي شاشة حساسة في موبايل أو كومبيوتر يسهل حمله.
لكننا لم نستوعب ذلك ودون أن ندري نسهل علي العملاء مهمتهم بنشر كل ما لدينا من معلومات وصور وتعليقات علي الفيس بوك والإنسجرام والواتس آب ليدخلوها في برامج خاصة تحدد بسهولة وجهات نظرنا فيما يصدر من قرارات وما ينفذ من سياسات وما بيننا من علاقات.. بل أكثر من ذلك ترسم خريطة نفسية وسياسية لحياتنا اليومية.
إننا جواسيس أبرياء نخرج ما في بطوننا دون مقابل فهل نستوعب هذه الحقيقة المرة وننتبه إليها ونحدز منها ؟.
في 4 سبتمبر 1998 أسس سيرجي برين ولاري بايج شركة »‬جوجل» لخدمات البحث عبر الإنترنت في مقاطعة »‬مونتن فيو» الهادئة في كاليفورنيا وما ان طرحت أسهمها في البورصة حتي وصل رأسمالها إلي 23 مليار دولار وبتوسع خدماتها تجاوز صافي ربحها السنوي العشرين مليار دولار.
ورغم أن شعار الشركة هو »‬لا تكن شيطانا» لتحد من انتهاك الخصوصية فإنها نفسها مارست الشر وتاجرت فيه.
قدمت »‬جوجل» كل ما لديها من معلومات شخصية وإنسانية تحصل عليها لكل من يدفع ثمنها.
حسب ما نشرت صحف بريطانية في ربيع 2017 فإن زبونا اتصل بمطعمه في لندن ليفاجأ بأنه اشتري من جوجل حق الدخول علي شبكات المعلومات في المؤسسات التي تتعامل مع المواطنين.
كان يكفي أن ترد عاملة توصيل الطلبات في المطعم علي التليفون لتظهر علي شاشة الكومبيوتر التي أمامها كل ما تريد من بيانات عن المتصل تسمح لها بأن تدير حوارا يصعب تخيله:
ــ مستر هارولد بنتر هل تريد الطلب المعتاد؟.
ــ نعم.
ــ لكنك تعاني من زيادة نسبة الكولسترول في الدم مما يهدد بانسداد الشرايين وتوقف القلب والطعام الذي تطلبه منذ 14 شهرا به دهون تضاعف من متاعبك الصحية.
ــ إنني أتناول الدواء المناسب للعلاج.
ــ لكن بيانات صيدليات التأمين الصحي تؤكد أنك لم تصرف دواء الكولسترول منذ ستة أشهر.
ــ إنني اشتريه من صيدليات حرة قريبة من بيتي.
ــ لكن فواتير الشراء لا تظهر في إقراراتك الضريبية، يبدو أنك ستدخل في أزمة مع الضرائب قد تنتهي بك إلي السجن.
وهكذا.. في عصر المعلومات المباحة يمكن لشخص أن يطلب طعاما »‬هوم ديلفري» فإذا به يجد نفسه وحيدا في زنزانة متهما في جريمة مخلة بالشرف مثل التهرب الضريبي.



وقفت ديناصورات »‬الميديا» الأمريكية ضد المرشح الرئاسي دونالد ترامب.. لكنه.. بجهاز موبايل وحساب علي التويتر به عشرة ملايين مشارك أنتصر علي شبكات أخبارية قوية »‬علي رأسها سي إن إن وأيه بي سي» وصحف كبري مؤثرة »‬علي رأسها واشنطن بوست ونيويورك تايمز» وأصبح سيد البيت الأبيض وسط دهشة مليارت من البشر في أربعة أنحاء الدنيا لم يتوقفوا لتفسير سر فوزه.
لقد دخل ترامب موسوعة جينيز للأرقام القياسية باعتباره أول شخص علي وجه الأرض توصله شبكات التواصل إلي رئاسة الجمهورية مؤكدا القاعدة الشهيرة : »‬ استخدم ميديا جديدة تسحق قوة قديمة »‬.
كانت الكنيسة في العصور الوسطي (القرن السادس عشر تحديدا) تضع بين يديها السلطة الروحية والسلطة السياسية معا وكان البابا في روما يبيع صكوك الغفران ليعيش بعائدها ــ هو ومن يرضي عنهم ــ حياة مترفة لا تمت لزهد المسيحية بصلة.
وكان كل من يعترض يجد نفسه متهما أمام محاكم التفتيش التي حاسبت علي ما في العقول والضمائر فكفرت مفكرين وحرقت علماء وعذبت سياسيين طالبوا بفصل الدين عن الدولة وإعطاء ما لله لله وما لقيصر لقيصر.
في ذلك الوقت بدأ القس الالماني مارتن لوثر دعوته الإصلاحية مستخدما المطبعة ــ لأول مرة ــ في نشر رسائله المائة فتداولت كتاباته أعداد هائلة من البشر من وراء الكنيسة ليصل في النهاية إلي ما يريد.. الإصلاح الديني.. لتشهد أوروبا ــ رغم أنف كنيستها ــ عصر التنوير الذي مهد للثورة الفرنسية بكل مبادئ المساواة والعدل والحرية التي بشرت بها.
ونجح أودلف هتلر باستخدامه لميديا الإذاعة ــ لأول مرة ــ في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية التوسعية وكاد ذلك الرجل الذي عاش طفولة قاسية ولم يكمل تعليمه الثانوي أن يصبح إمبراطورا علي العالم لولا هزيمته في الحرب العالمية الثانية.
كان الشعب الألماني يلتف حول أجهزة الراديو لسماع خطاباته التي اشعلت الحماس في العروق ودفعت بالملايين لتأييده بعد أن آمنوا بشعاره : »‬ألمانيا فوق الجميع».
واستفاد جمال عبد الناصر من ميديا الإذاعة أيضا وكان قادرا بسحر كلماته علي التواصل مباشرة بينه وبين الشعب دون حاجة لتنظيمات سياسية أو قيادات حزبية.
وعندما وصل أنور السادات إلي الحكم كان التلفزيون قد استحوذ علي التأثير فبرع في استخدامه وبمشاهدة الشعب لرحلته إلي إسرائيل أصبحنا جميعا مشاركين فيها.
وعندما كانت المباحثات تتعثر مع رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحم بيجن كان مراسلو التليفزيون الأمريكي والأوروبي يتناقلون بينهما ــ فيما يعرف بدبلوماسية الكاميرا ــ لإزالة العقبات والخلافات حتي وقعت مصر وإسرائيل اتفاقية السلام.
ولكن.. السادات الذي أدار حكمه بكاميرات التلفزيون قدر له أن يقتل أمامها.
وبموهبة رجل الأعمال الموهوب في شم الصفقات الناجحة استسلم ترامب لنصائح صديقه ستيف كيفن بانون باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في مخاطبة الناخبين بتغريدات متتالية تشعرهم بعلاقة مباشرة لا توفرها وسائل الإعلام التقليدية.
وحسب ما اعترف به ترامب فإن فانون أكد له : »‬إنه سيغير التاريخ وأن نظاما سياسيا جديدا سيولد علي يديه »‬ فترك له إدارة حملته الانتخابية التي بدأت بموقع إلكتروني تكلف 1500 دولار في وقت كانت فيه المنافسة هيلاري كلينتون تنفق ملايين الدولارات يوميا علي حملتها الانتخابية.
وبانون مؤسس موقع بريتارت الذي استخدمه في كشف فضائح السياسيين من الحزب الديمقراطي ليقول في أكثر من مناسبة: »‬أنا مثل لينين الذي لم يبن نظامه السياسي إلا بعد أن نسف ما قبله».
وبوصول ترامب إلي الرئاسة وصفت مجلة تايم بانون بأنه »‬ أقوي ثاني رجل في العالم »‬.. واتضح أنه هو الذي كتب خطاب تنصيب ترامب وكان وراء قرار منع رعايا ست دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة بجانب تعديل قانون »‬ أوباما كير» للرعاية الصحية.
ولم يتوقف ترامب بعد أن اصبح رئيسا عن إرسال تغريداته للشعب الأمريكي رافضا التنازل عن تليفونه الشخصي واستعمال التليفون الرئاسي الآمن خشية أن يحول رجاله - لأسباب أمنية - عن التواصل بينه وبين الناس.



دفع الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد ميلوس نيكسون سلطته الرئاسية ثمنا لزرع أنصاره أجهزة تنصت في مقر الحزب الديمقراطي المنافس فيما سميت بفضيحة ووترجيت علي اسم المبني الشهير في واشنطن.
كانت استقالة نيكسون في 8 أغسطس 1974 ــ بعد اتهامه بالكذب ــ هي الأولي من نوعها في التاريخ الأمريكي.
لكن.. بعد نحو 40 سنة علي هذه الفضيحة المحدودة في التنصت اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بجرأة متناهية ان هيئة الأمن القومي في بلاده تتجسس علي حكام العالم وتضع ملايين من التليفونات الأمريكية تحت المراقبة دون أن يتعرض لعقاب وكل ما ناله انتقادات إعلامية غير مؤثرة. وفي تلك الهيئة كومبيوترات عملاقة تسجل كل المكالمات التليفونية التي تجري في العالم كله وتستطيع في ثوان أن تعيد ما تحدث به صانع بيتزا في روما أو بائع علي عربة فاكهة في لندن أو ربة بيت في أسيوط.
وما إن تحجز مكانا علي طائرة حتي تفتح شبكة معلومات شركة الطيران علي شبكات معلومات الأمن والمطارات ليؤخذ القرار المناسب بشأنك والمؤلم أنك تدفع ثمن هذه العمليات من جيبك بإضافة ما بين عشرة وعشرين دولارا إلي ثمن التذكرة.
وبأخذ بصمات الاصابع والعين في المطارات أصبحت ملفاتنا جميعا مباحة لكل من يشاء.



إن تعويذة العصر ومفاتيح لغته وأسرار قوته ومجالات سيطرته ومصادر متاعبه تلخصها جملة واحدة : سيادة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
ضغطة زر خطأ قد تنقل حساباتك البنكية إلي شخص لا تعرفه لتلقي مصير مئات مثلك خسروا في العام الماضي وحده ثلاثة مليارات دولار.
وبجهل في إرسال مشاركة قد تنشر علي الملأ فيديو شديد الخصوصية تصورت أنك ارسلته إلي شخص بعينه وهو ما حدث مؤخرا لممثلة مصرية شهيرة وجدت نفسها عارية أمام ملايين من مستخدمي الفيس بوك.
وكثيرا ما تنجح الأجهزة الأمنية والرقابية في نقل ما علي التليفونات المحمولة من صور ورسائل تدين أصحابها بالفساد أو تدمرهم معنويا بالتشهير.
وربما وجد شخص ما نفسه متورطا دون أن يقصد في قضية أمن دولة.
إن الأسلحة الإلكترونية التي بين أيدينا تحتاج أن نعرفها جيدا وألا نستخدمها إلا إذا ضمنا ألا ترتد علينا وتقتلنا.
لكننا في الغالب نتعامل معها وكأنها لعبة وهذه في الحقيقة مشكلة السواد الأعظم منا.
وأخطر ما قرأت مؤخرا في صحيفة واشنطن بوست أن مجتمع المخابرات العالمي نجح باستخدم المعلومات التي ينشرها مواطنو كل دولة في رسم خرائط نفسية وصحية وسياسية لهم وتساءلت بيني وبين نفسي : تري ما طبيعة الخريطة التي رسمت للشعب المصري ؟.
وجاءت الإجابة من متابعتي لشبكات التواصل الاجتماعي في غير صالحنا وتعبر عن نخبة يسيطر عليها تناقض حاد بين الطهارة والدعارة.. فالذين ينشرون الأدعية والآيات وبوستات »‬ جمعة مباركة» هم أنفسهم الذين يسجلون أعلي مشاهدة لمواقع الفضائح الجنسية خاصة إذا كان أبطالها من المشاهير.
ويعكس هذا التناقض فصاما في الشخصية المصرية فالفيديوهات العارية تحظي بانتشار هائل يتحقق في دقائق مصحوبا بتعليقات رافضة مستهجنة لتحقق المشاهدة المتعة واللعنة معا في نفس اللحظة.
إن المصريين الذين اشتهروا بستر العورات قد أدمنوا كشفها.
وبعد أن كانوا ينتقدون بشدة الصحافة الصفراء أصبحوا أكثر المروجين لأخبارها.
وما يلفت النظر وقاحة التعليقات علي المقالات السياسية بشتائم يصعب نشرها.. وما يضاعف من الشعور بالألم أن كاتبيها ممن ينسبون أنفسهم للجماعات المثقفة من حاملي الشهادات الجامعية.. ولو كان هؤلاء »‬خلاصة» العقول والضمائر فهل لنا أن نحلم بتغيير أفضل نحو المستقبل ؟.
والتفسير الوحيد لهذه الظاهرة التي ننفرد بها أن متعلمي الأمة جهلة مكبوتون يجدون في السباب الوقح تنفيسا عن عجزهم.
فهم صامتون في العلن يقبلون بكل شيء دون اعتراض فإذا ما أتيح لهم التعليق دون كشف عن شخصياتهم أخرجوا ما في بطونهم وعقولهم من نفايات.
ومن حسن الحظ أن أجهزة الأمن الإلكترونية لم تتطور بعد إلي الحد الذي يكشف غالبية المستترين وراء أسماء مستعارة أو فاتحي مواقع علي شبكات خارجية ولكن ذلك مجرد وقت.
لقد منحنا التطور ميزة الاتصال عن بعد ودفعنا ثمنا غاليا من خصوصيتنا فيها فلم لا نتخلص من متاعبنا النفسية ونستفيد منها؟.
سؤال صعب.. لكن.. حاول.. فالطريق ذو الألف ميل يبدأ بخطوة.. والكتاب ذو الألف صفحة يبدأ بكلمة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف