أحمد سليمان
لعبة القواعد العسكرية في البحر الأحمر
تسعي الدول الكبري لإقامة قواعد عسكرية لها في أماكن متفرقة من العالم لتسهيل مهمة التحرك لقواتها لمواجهة أي طارئ أو التعامل مع مخاطر محتملة تهدد أمنها القومي أو أهدافها الاستراتيجية.
وهذه المساعي قد تقابل باعتراضات من شعوب الدول المرشحة لاستضافة هذه القواعد الأجنبية علي أراضيها ومعلوم للجميع أن هناك قواعد عسكرية للولايات المتحدة وروسيا وألمانيا في بعض دول الشرق الأوسط مثل قاعدة انجرليك بتركيا وقادة العديد في قطر وقاعدة حميميم في سوريا وغيرها إلا ان المثير للاستغراب ان الصين عندما تفكر في إقامة أول قاعدة عسكرية لها بالخارج تقرر أن تكون في دولة عربية في القرن الأفريقي وهي جيبوتي. وبالفعل رست أول سفن حربية صينية تحمل جنوداً صينيين علي شواطئ جيبوتي يوم الثلاثاء الماضي.
وجيبوتي تحتضن قواعد عسكرية لدول عديدة منها ما هو معلن مثل قواعد للقوات الأمريكية والفرنسية واليابانية. ومنها ما هو غير معلن كقاعدة للقوات التركية. أما في الدول الأخري القريبة من البحر الأحمر مثل أثيوبيا فتقام علي أرضها قواعد عسكرية لقوات أجنبية لعل أخطرها قاعدة أربامنش الخاصة بالقوات الأمريكية والإسرائيلية الموجودة بجنوب أثيوبيا بالإضافة إلي التواجد الإسرائيلي في كينيا وأوغندا كما أقامت قاعدة بحرية عند ميناء مصوع الإريتري عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وقد لوحظ تزايد إقامة القواعد العسكرية الأجنبية بالدول الأفريقية المطلة علي البحر الأحمر مثل الصومال وإريتريا والسودان واليمن بهدف معلن وهو حماية الممر المائي والمجري الملاحي الأهم في العالم لضمان عدم تعرض قوافل التجارة العالمية لأي مخاطر تهدد تدفقها بالبحر الأحمر. أما الهدف غير المعلن فهو تحقيق الانتشار السريع لقوات الدول صاحبة تلك القواعد في أسرع وقت لمواجهة الطوارئ المتوقعة بمنطقة الشرق الأوسط المشتعلة دوماً.
لذلك كان اهتمام الرئيس السيسي بافتتاح الوحدات الخاصة بالأسطول البحري المصري الجنوبي بمدينة سفاجا في الخامس من يناير هذا العام. وقد حضر الرئيس حفل الافتتاح مرتدياً الزي العسكري في رسالة واضحة للجميع بأن القوات البحرية المصرية مستعدة للتحرك في أي وقت للدفاع عن الأمن القومي المصري.
كما يمكن الإشارة في هذا الصدد إلي أهمية وجود حاملتي الطائرات المصريتين من طراز ميسترال والطائرات المقاتلة رافال بعيدة المدي ضمن الأسلحة التي تضمها القوات المسلحة المصرية لتحقيق سرعة وسهولة الانتقال إلي أي مسرح أحداث بمحيط البحر الأحمر للتعامل مع أي مخاطر. ويضاف لذلك ما أثير عن وجود اتفاقيات بين مصر والمملكة العربية السعودية يتم بمقتضاها تواجد قوات مصرية علي بعض الجزر السعودية بالبحر الأحمر والاستراتيجية بالنسبة لمصر لخدمة أهداف الأمن القومي. وهذه الجزر تقع بالقرب من اليمن والصومال وجيبوتي وإريتريا.
وإذا أضفنا لذلك التواجد الدائم للقوات البحرية المصرية عند باب المندب وتعاملها المباشر والحاسم مع بعض الزوارق الإيرانية التي حاولت اختبار جاهزيتها وجديتها وتم إجبارها علي الهروب وعدم العودة مرة أخري لعلمنا أهمية التواجد المصري في البحر الأحمر ابتداء من خليج عدن وباب المندب ومروراً بساحلي البحر الأحمر حفاظاً علي ممرنا المائي الأهم في العالم قناة السويس.
منطقة الشرق الأوسط قد تشتعل في أي لحظة لذلك فإن قواتنا المسلحة علي أهبة الاستعداد لفرض رأيها وكلمتها في عصر لا يعرف إلا القوة في التعامل بين الدول.