عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. أجبروه علي الاعتزال فأصبح وزيراً
هذا هو أغرب اعتزال للاعبي الكرة.. منذ يومين ونحن نتساءل: من صاحب أخطر قرار وهو الاعتزال.. هل اللاعب أم المدرب أم الطبيب.. وأمس نشرنا إجابة ستانلي ماتيوز نجم انجلترا "اعتزل 46 عاما".. ولكن اليوم أروي لكم اغرب قرار.. أصدر قرر الاعتزال رئيس النادي.. لا اللاعب ولا المدرب ولا الطبيب.. قرر صالح سليم رئيس النادي اعتزال ثلاثة لاعبين لا لاعبا واحدا وهم نجوم النادي الكبار: طاهر أبوزيد وربيع يس ومحمود صالح.. ثلاثة نجوم لا يختلف عليهم اثنان.. وكانوا في عز تألقهم.. طاهر أبوزيد بالذات هو الذي احرز هدف الفوز علي المغرب في المباراة التي غني في مدرجها طوال المباراة محمد نوح لأول وآخر مرة في تاريخ الكرة في مصر والعالم.. كان كل تهمة اللاعبين انهم وقفوا هم الثلاثة بجوار الفريق مرتجي خلال يوم الانتخابات.. وكانت "صدمة كروية" لا للاعبين فقط بل لأعضاء النادي وللوسط الكروي كله.
لاعبان قررا الاعتزال فعلا واتجها لدرسة فن التدريب.. ربيع يس ومحمود صالح.. قرفا في الوسط الكروي كله.. لدرجة.. ذات ليلة وأنا أصلي العشاء في المسجد وجدت من يمسك بكتفي من الخلف.. ربيع يس وهو في منتهي الاحباط والغضب.. قال لي:
تعمل فيّ معروفا؟.
تحت امرك
لي بعض المال في النادي ولا أريد ان أدخل النادي واطالبهم بشيء.. هل ممكن ان تشوف لي هذا الموضوع.
بالفعل.. بمراجعة أوراق الكرة.. كان هناك مبلغ كبير من حق ربيع ثم اتضح انه لابد ان يقبض المبلغ بنفسه أو يعطيني توكيلاً رسمياً بذلك.. ثم وصلنا إلي حل وسط.. الكل يحب ومشفق علي الخلوق الذي لا يفوت فرصة ويريد ان يخدمه.. قرروا ان فلان ما سيأخذ المبلغ وينتظر ربيع عند باب النادي في وقت انتهاء عمل الإدارة.. وقد كان.. كرامة وكبرياء التقي أنور.ع مع ربيع فرفض ان يذهب إلي النادي الذي افني شبابه فيه ليطالب بمال قارون.. ولا ان يدخله قط بعد ان استغني عنه.
طاهر أبوزيد كان بين نارين.. بين حبه وعشقه وولائه واخلاقه للفانلة الحمراء.. وبين العروض المغرية للغاية التي انهالت عليه.
كنا دائماً نصلي الفجر يومياً في المسجد القريب من المنزلين.. وعادة بعد الصلاة.. في هذا الوقت الرائع.. الجو جميل صيفا وشتاً.. الهدوء والسكون التام والشوارع خالية والسماء صافية.. كنا نمشي احيانا لابعد من المنزلين وكان الحديث بعد كارثة الاعتزال المفاجئ بلا سبب رياضي.. طاهر مصر علي ألا يرتدي أية فانلة بعد الفانلة الحمراء.. ولكن شبابه وموهبته ونصائح المخلصين المحبين تحاصره كل ساعة وكل دقيقة.
ذات يوم.. قال لي:
قد تفتقدني غدا.. لهذا أصلي معك.
خير؟!
هذا العرض من الصعب رفضه.. رجل خرافي في وزن عثمان أحمد عثمان الذي كان يحبني من زمان من قبل كل شئ يطلبني ان اذهب إليه اليوم بعد ان أتركك ولا أذهب .. لا يمكن "سأذهب إليه الآن"
في اليوم التالي وجدته سبقني في المسجد.. وما ان شعر بي حتي قام مسرعاً.. وعناق وبكاء.. و.. وكلماته فقط "ما قدرتش.. ماقدرتش" يرددهما طاهر عدة مرات في وسط الطريق إلي الإسماعيلية.. تصور ان مباراة للإسماعيلي بنجومه الكبار وهو معهم ضد الفانلة الحمراء.. لا ثم لا ثم لا.. وعاد بسرعة بعد هذا الخاطر الذي مر برأسه.. هنا قرر طاهر أبوزيد الاعتزال في عز شبابه وتألقه.. ثم نزلت عدالة السماء.. ليصبح وزيراً للرياضة.. وأي وزير.
قصص الاعتزال كثيرة ومشوقة.. خاصة اعتزال مصطفي رياض وحسن الشاذلي لقد كانا السبب في تقنين الاعتزال فإلي اعداد قادمة.. رياضة.. رياضة.. وماله.