جماعات الإرهاب المحلى، لم تعد المعضلة الاساسية فى أوروبا الآن.. إنما أضيفت إليها قضية المتطرفين الإسلاميين العائدين من سوريا والعراق.
التفتت أوروبا الى الأزمة مبكرا، لكن الحلول ما زالت مستعصية. بينما فى الشرق الأوسط دول عربية كثيرة لم تأخذ المسألة على محمل الجد للآن. فى بلدان الشرق الأوسط الأزمة أزمتان. واحدة أننا لم ننتبه، والثانية أنه لاننا لم ننتبه فلا رؤية للمواجهة رغم أن المواجهة قادمة قادمة.
فى بروكسل، أحالوا متطرفين عائدين من العراق وسوريا على المحاكمة، بتهمة الضلوع فى أعمال إرهابية بفرنسا وألمانيا. لم تستطع سلطات الادعاء اثبات علاقة بين هؤلاء العائدين، وبين العناصر التى قامت بالعمليات والتفجيرات على الأراضى الفرنسية أمام القضاء. كان واضحًا أن هناك اتصالات ما، وكان واضحا أن هناك تنسيقًا ما، لكن المحاكم.. لها الأدلة فقط. لم تقدم سلطات الادعاء أدلة يقينية. لذلك لم يدخل العائدون السجون.
معظم الذين قدموا للمحاكمات هناك، خرجوا من جديد للعالم. الذى يُقلق المراقبين، أن كثيرًا من هؤلاء المتطرفين سينخرطون فى المجتمعات الأوروبية من جديد، حتى تثبت عليهم تهم الإرهاب فى المستقبل.
انتظار ثبوت الإرهاب فى المستقبل، يعنى مزيدًا من الضحايا، ومزيدًا من التفجيرات، ثم مزيدا من التحقيقات، ثم محاكمات جديدة ، فى الوقت الذى لم تعد فيه اوروبا حمل عمليات جديدة.. وتفجيرات من أول وجديد فى المناطق المزدحمة.
هناك اقتراحات فى دول كثيرة باحتجاز احترازى للعائدين. مؤكد لم يكن هؤلاء فى سوريا أو العراق للنزهة أو السياحة. لكن فى المقابل، هناك اتجاه آخر، يخشى من أن تؤدى إجراءات من هذا النوع إلى فتح ملفات سجل هائل من عمليات تعذيب جرت فى سجون الغرب لمتطرفين قبل هروبهم إلى سوريا والعراق والتحاقهم بجماعات مسلحة هناك.
هناك تخوفات أخرى وتقارير صحفية تتكلم عن أن دولا عربية، ربما استأجرت متطرفين أوروبيين للحرب فى سوريا ضد بشار الأسد. تقارير ثالثة قالت إن أجهزة المخابرات الأمريكية، ربما عقدت صفقات مع متطرفين إسلاميين، فأطلقت سراحهم من «جوانتانامو» مقابل إرسالهم إلى الداخل السورى، ولصالح دول خليجية.
ما يخشاه المراقبون، أن تفتح الاحتجازات الاحترازية ، ملفات ضد الولايات المتحدة، وبعض دول الخليج فى إدارتهم الحرب فى سوريا. ما يخشونه أيضا، ان ينتقل احتجاز المتطرفين العائدين بلا تهم، من قاعات المحاكم الى الصحافة، بمزيد من التفاصيل عن تورط حكومات، كانت تندد بإرهاب الرئيس الأسد، بينما يتضح أنها هى نفسها متورطة فى عمليات إرهاب منظمة، ضد مدنيين على الأراضى السورية.
الأخطر، أن أغلب العائدين، سبق وانتموا إلى جماعات تتحد فى التطرف، وتختلف فى الأيديولوجية وفى التوجهات. الخوف، ان تنتقل الصراعات بين هؤلاء، من سوريا إلى أوروبا، حيث يقيم العائدون، دون أن يخلعوا رداء المذهبية.
كلهم إرهابيون، لكن كلهم حتى الآن ابرياء. لذلك، يقف المجتمع الأوروبى مكتوف الأيدى، هل يدخل عش الدبابير، أم يترك الدبابير حتى تلدغ أولا؟
فى بروكسل، اكتفت المحاكم بإصدرا أوامر مراقبة، لبعض العائدين. رد دفاع العائدين، طلبات المراقبة، وقالوا: إن بعض موكليهم كانوا يحاربون بناء على اتفاقات حكومية، وأن هناك أموالًا وتدريبات تلقوها على أراضٍ أوروبية، وأنهم يتكلمون عن صفقات تمت فى مقرات سفارات عربية فى الغرب.
لو أزمة المتطرفين العائدين معقدة فى أوروبا، فهى فى بلداننا أكثر تعقيدًا. والذين عادوا لأوروبا، من سوريا والعراق، مثلهم يعود إلى مصر وتونس والجزائر والمغرب واليمن، ولبنان ، والأردن.
ما الذى يمكن أن تحدثه عناصر مسلحة، تشربت طرق الحرب، وقدرات المناورة، ومطاردات الجيوش النظامية ، فى الشوارع طوال ست سنوات؟
السؤال الأهم: متى تُفتح تلك الملفات فى دول الشرق الأوسط.. وفى مصر ؟ هل نحن أيضا سوف ننتظر لسعَ الدبابير أولا؟
المبادرة مطلوبة.. منذ اول أمس!!