المساء
مؤمن الهباء
مصير ترامب
كل الأخبار الآتية من واشنطن تشير إلي أن مصير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صار في مهب الريح. وأن عجلة سقوطه بدأت في الدوران. ولكن هل يعني ذلك أن جهود عزل ترامب سوف تنجح فعلاً أم أن الرئيس الملياردير الشعبوي سيفعل المستحيل كي ينجو ويخرج سالماً من العاصفة كما فعل المستحيل ليدهش العالم بفوزه في الانتخابات؟
لا يستطيع أحد إعطاء إجابة حاسمة علي هذا السؤال. لكن المؤكد أن الرجل يصارع أمواجاً عاتية في الكونجرس والإعلام والقضاء بأدوات غير تقليدية بحكم أنه رئيس غير تقليدي. وإذا كانت معاركه مع الإعلام والقضاء قد اندلعت من اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض فإن معاركه الحالية مع الكونجرس هي الأخطر وربما تكون هي التي ستحدد مصيره.
في الأسبوع الماضي تلقي مجلس النواب الأمريكي - أحد مجلسي الكونجرس - طلباً رسمياً تقدم به عضوان ديمقراطيان في المجلس لبدء إجراءات عزل ترامب بدعوي أنه يعرقل سير العدالة ويتدخل في التحقيق بشأن علاقة مستشاره السابق مايكل فلين مع روسيا. ورغم أن هذه مجرد خطوة رمزية إلا أنها بما تمثله من جرأة في مواجهة سلطة الرئيس تفتح الباب أمام انضمام نواب آخرين إلي المطلب الأساسي الذي ترمي إليه. وهو محاكمة ترامب بتهمة عرقلة سير العدالة. فإذا ما تمت إدانته بهذه التهمة أمكن عزله مباشرة.
وهناك حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي أن مؤيدي ترامب في الكونجرس مازالوا أغلبية لكن تيار المعارضة الديمقراطي يعول علي انضمام الجمهوريين إلي معركة عزله إذا استمر في "عدم كفاءته".
وتجدر الإشارة هنا إلي أنه يحق للكونجرس عزل الرئيس في إجراء يتم علي مرحلتين. إذ يتعين أولاً أن يوجه مجلس النواب الاتهام إلي الرئيس لتنتقل بعدها القضية إلي مجلس الشيوخ الذي يتولي محاكمة الرئيس ويعزل تلقائياً إذا صوت أكثر من ثلثي مجلس الشيوخ لصالح إدانته وإلا تتم تبرئته.
ولم يسبق في تاريخ الولايات المتحدة أن عزل أي رئيس من منصبه. ولكن هناك رئيسين تم توجيه الاتهام إليهما فقط ثم انتهي الأمر بتبرئتهما في مجلس الشيوخ وهما أندرو جونسون في عام 1868 وبيل كلينتون عام 1998. أما الرئيس ريتشارد نيكسون ففضل الاستقالة في عام 1974 لتجنب عزله الذي كان مؤكداً في قضية التجسس علي المعارضة المعروفة إعلامياً باسم "فضيحة ووتر جيت".
وشيئاً فشيئاً تتكشف أبعاد علاقة ترامب وأسرته ومستشاره السابق للأمن القومي مع روسيا بفضل التسريبات المتلاحقة. ويواجه الرئيس تهمة عرقلة سير العدالة في القضية منذ أن قام فجأة بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي الذي كان يتولي التحقيق مع مستشاره للأمن القومي مايكل فلين حول علاقاته السرية مع روسيا. ومع توالي التسريبات ظهر أن نجل الرئيس بل والرئيس أيضاً ارتبطا بعلاقات غير معلنة مع شخصيات روسية قريبة جداً من الرئيس فلاديمير بوتين. وهو ما يعزز الإدعاء بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بشكل أو بآخر لصالح ترامب.
ومازال الرئيس ينفي هذا الإدعاء ويتندر عليه. ومؤخراً أدلي بتصريحات ادعي فيها أن بوتين كان يفضل فوز هيلاري كلينتون ودليله في ذلك أن كثيراً من الأمور التي يفعلها علي طرف نقيض مما يريده بوتين. ومع ذلك فهو لا يتوقف عن التأكيد علي أنه ونظيره الروسي علي "تفاهم كبير".
إلي أي مدي ستستمر اللعبة وكيف ستنتهي؟
لا يمكن التنبؤ بالإجابة الحاسمة. لكننا بالتأكيد سنظل نتابع بشغف المباراة الديمقراطية المثيرة حتي يطلق الحكم صافرة النهاية.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف