الوفد
عباس الطرابيلى
المصري.. وعبودية تراب الميري
ثم جعلنا التعليم مجرد بوابة للوظيفة الحكومية.. زاد تعلق كل المصريين بتراب الميري.. فانهار التعليم.. وانخفضت إنتاجية المصري، وأصبح المصري وكل حلمه هو الحصول على الوظيفة.. بل رأى ذلك أهم واجبات الدولة تجاه الشعب.
وزادت الكارثة عندما أكدت الدولة نفسها هذا المفهوم عندما تحملت عملية توفير فرص العمل لآلاف الخريجين كل عام، من مؤهلات عليا وما تحتها.. وبالذات منذ عرفنا «جوابات القوى العاملة» التي ابتدعتها الدولة من أوائل الستينيات.
<< حقيقة أدت الدولة واجبها بتعيين كل الخريجين.. ولكن ذلك كان على حساب «التخمة» التي أصابت الجهاز الحكومي حتى بات العمل الذي يكتفي اثنان للقيام به.. بات يؤديه 5 وربما 10!! والكارثة اننا نقلنا هذا الوباء، أي تراب الميري إلى القطاع العام الذي استغلت الدولة تأميمه لكي تجعل منه «تكايا العصر الحديث» ولكن النتيجة هي اننا قتلنا هذا القطاع العام بتحميله تشغيل هؤلاء، دون أي انتاج حقيقي منهم، وهو ما ساهم في إفلاس الكثير من شركاته، وعندما تحاول الدولة الآن تقليل هذا الدور بعد «تعود» دام حوالي 60 عاماً، فإنها تعجز تماماً عن ذلك.. ورحم الله عصراً كان فيه ممثلو العمال هم وزراء العمل، أو القوى العاملة من أنور سلامة وعبداللطيف سلامة وعبداللطيف بلطية وصلاح غريب وسعد محمد أحمد.
<< أما الآن فإن كل مهام وزير القوى العاملة ومعه كل وزارته هو الاعلان عن أن أيام الإجازات الرسمية، أيام عمل مدفوعة الأجر.. ليس إلا!! وذلك بعد أن انتهى دور الوزارة الحقيقي في توفير فرص عمل- بعيداً عن شركات القطاع العام التي أفلست.. وبعيداً أيضاً عن تراب الميري الذي هو الوظيفة الحكومية.. وللأسف يتطلع المصري إلى العمل في هذين القطاعين طلباً للمرتب الثابت، والمعاشات.. والإجازات.
<< وكم أتمنى أن يشرح لي أي مسئول في هذه الوزارة مهام هذه الوزارة.. وما الذي تقوم به.. وبالذات موقفها في إفلاس آلاف الشركات والمصانع وتسريح عمالتها.. وتحول عمالها إلى «عشانا عليك يارب» فهل يعقد الوزير اجتماعات مع وزير التجارة والصناعة.. ومع وزير المالية لبحث أسرع السبل لإعادة تشغيل هذه المصانع.. وهل تبذل الوزارة جهداً ملموساً للبحث عن فرص عمل للمصريين في الدول الشقيقة.. وما هو دورها في حل مشاكل الهجرة غير الشرعية.
<< أم أن كل عمل الوزير ورجاله أن يقفوا ليتسلموا درع النقابة العامة للعاملين بالسياحة.. وهم أكثر المتضررين من البطالة.. حتى وإن لم يكن الوزير سبباً لهذه البطالة.. ثم يقف بعده رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ليتسلم نفس الدرع.. أليس الأفضل أن نقدم لهم درع قتل الصناعة المصرية، أو درع تشريد عشرات الألوف من عمالها ويا ترى هذه الدرع مصنوعة من الفضة الخالصة.. أم من الصفيح المطلي بالفضة؟! وبالمناسبة هو اسم وزير القوى العاملة.. إيه؟!
<< وأسأل- وليس سؤالي هجوماً على الوزير- كم تتكلف الموازنة العامة من أعباء كرواتب وحوافز، وأرباح، وبدل جلسات واجتماعات تدفعها الدولة للعاملين الذين لا عمل لهم الآن في وزارة القوي «غير» العاملة.. وماذا تتكلف الدولة من سيارات وبنزين وربما أيضاً ساعات عمل إضافية- يا عيني- من كثرة العمل المطلوب منهم القيام به هذه الأيام.
أليس كل ذلك من أموال الناس الغلابة؟! ومطلوب صندوق لرعاية العاملين بوزارة القوى «غير» العاملة!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف