الجمهورية
فهمى عنبة
الفراغ يقتل الشباب .. ويدمر الأوطان !!
* ملايين الشباب في أجازة.. ماذا فعلت الدولة لهم.. هل تركتهم فريسة للفراغ أم أعدت لهم برامج لزيادة قدراتهم والاستفادة من طاقاتهم!
يقترب عدد طلاب المدارس والجامعات من 25 مليونا بخلاف من تسربوا من التعليم أو اتجهوا إلي الأعمال الحرفية.. أو تخرجوا ولم يجدوا عملا وأغلب هؤلاء لا يجدون ما يفعلونه ولا يعرفون إلي إين يتجهون.. ولذلك تراهم علي المقاهي والكافيهات التي انتشرت في كل مكان وأصبح بين المقهي والآخر "كافيه" يقضون عليه أوقاتهم أو يضيعونها رغم ان دولة تبني نفسها في حاجة إلي الاستفادة من الجميع ومن المفترض ألا يكون عند مواطنيها أوقات فراغ لاضاعتها لأنها تحتاج إلي أفكارهم وسواعدهم في البناء والتنمية.
تأتي كل أجازة صيفية دون أن تكون هناك رؤية شاملة للاستفادة من قدرات وطاقات الملايين من التلاميذ والطلاب أو من العاطلين الذين تتزايد نسبتهم باستمرار حيث ينضم آلاف الخريجين إليهم كل عام ويكونون بلا عمل أو أمل!!
يعتبر هؤلاء الصبية والفتيات والشباب ثروة يمكن الاستفادة منها بإعداد مشروعات تستوعبهم خلال أشهر الاجازة الصيفية يؤدون عن طريقها أعمالا مفيدة للمجتمع وتساهم في التغلب علي الكثير من المشاكل وفي حل العديد من الأزمات المزمنة التي لم نعثر لها علي حلول حتي الآن رغم سهولتها.. وفي نفس الوقت ننقذهم من الفراغ القاتل واليأس المدمر!!
لا يوجد أمام الشباب سوي عدة طرق معظمها محفوف بالمخاطر فاليأس يدفع بعضهم للهروب في "مراكب الموت" مفضلين الانتحار والمجازفة بحياتهم لعلهم يصلون إلي أوروبا ويحققون حلم الثراء.. لكنهم في الغالب يقامرون بعمرهم وبأموال عائلاتهم ولا يجدون سوي الموت غرقا أو الترحيل مرة أخري والعودة من نقطة الصفر من جديد.
.. هناك من يسقط فريسة في يد من يستغلونه سواء باللعب في عقله وجذبه إلي ما يهلكه إما ناحية الإرهاب والتطرف.. أو إلي الفساد الخلقي والانحراف.. أو إلي طريق الادمان "والمزاج العالي" واعتقد ان الاحصائيات الأخيرة والدراسات التي نشرها صندوق مكافحة الادمان بوزارة التضامن والحلقة الرائعة التي قدمتها المذيعة رشا نبيل عن ارتفاع معدلات التدخين والادمان بين التلاميذ تجعلنا نتحرك بسرعة لأن هناك من يستغلونهم لهدم الوطن بقلة الوعي والعلم والخبرة ويلعبون علي عدم التحكم في الغرائز والشهوات في مرحلة المراهقة وأقل الاضرار فالفراغ يدفع الشباب للتسكع في الشوارع والتحرش بالمارة أو الجلوس علي المقاهي وشرب السجائر وتدخين الشيشة!!
توجد فئة أخري تهرب إلي مواقع التواصل الاجتماعي وتسقط نهبا للشائعات ويتحدثون مع أنفسهم ولا يستمعون إلا لصوتهم.. ويحتاج الأمر لمجهود وأنشطة تجتذبهم!!
نعم.. هناك مبادرات من وزارات الشباب والتعليم ما قبل الجامعي والعالي.. ولكنها للأسف لا تكفي.. وبصراحة ما يتم تنظيمه من معسكرات ورحلات ضررها أكبر من نفعها.. ولا يخرج منها الشاب بشيء مفيد لا تثقيفيا ولا ماديا.. وبالكاد يقومون بالترويح عن أنفسهم قليلا.. وبالطبع ذلك مطلوب.. ولكنه ليس هدفا ولا فكرا لدولة تبني نفسها وتريد حماية شبابها!!
يتطلب الأمر تكاتف كافة الجهات.. لأن هؤلاء الشباب هم مستقبل الأمة.. كما انهم عليهم أن يعرفوا ان لوطنهم حقا يجب أن يؤدوه وان هناك من يعمل لمصلحتهم ورعايتهم ولا يتركهم فريسة سهلة لليأس والفراغ أو يعطيهم هدية علي طبق من فضة لمن يحسن استغلالهم من الإرهابيين والفاسدين وعديمي الأخلاق والضمير!!
لدينا ثروة لا نعرف كيف نستفيد منها.. مع ان البلد في حاجة شديدة لمن يبنيها.. فلماذا لا نوظفهم خلال أشهر الصيف في اقامة فصول محو أمية.. أو في جمع القمامة وتجميل الشوارع والميادين وطلاء الأرصفة والرسم علي الحوائط.. أو في تنظيم معسكرات عمل جادة لهم لزراعة آلاف الأفدنة في المشروع القومي لاستصلاح المليون ونصف المليون فدان.
.. أين أصدقاء المرور الذين كان يتم تدريبهم كل عام لتسهيل حركة السير في مدن المحافظات.. ولا مانع أن يكون ذلك نظير مقابل مادي معقول ليستفيد الشاب أو الشابة ويستثمر وقته وتوفر الدولة والمحافظات من أموالها لأنه بالتأكيد ما ستدفعه لهم أقل من الاستعانة بعمال سيأخذون أضعافا.. وهناك بالتأكيد العديد من الأفكار في هذا المجال ولكن المهم البدء في تنفيذها قبل فوات الأوان!!
بعد أن يؤدي الطالب عمله يمكن بعد ذلك ارساله في رحلات شاطئية وترفيهية مع تنظيم ندوات فكرية وثقافية وشعرية يساهم فيها جميع الشباب من كل فئات المجتمع ودمجهم معا.. حيث ان هذه المعسكرات قادرة علي لم الشمل وإذابة الفوارق الفكرية والطبقية خاصة وان الملاحظ ان هناك من ينعزلون عن المجتمع ويعيشون أغرابا مثل الأبناء الذين يلتحقون بالمدارس الخاصة والجامعات الأجنبية وهؤلاء يعتبرون أنفسهم لا ينتمون لهذا البلد وبعضهم يتعالي علي زملائه من خريجي الجامعات والمدارس الحكومية.. ولكن اللقاء معا في معسكرات قد يعيد الالتحام ويقرب بينهم وتستعيد مصر كل شبابها.. ولن يتم ذلك إلا بالاستعانة بعلماء الدين وخبراء السياسة والإعلام والاقتصاد ودكاترة الجامعات وبمدربي الأندية وايجاد اهتمامات مشتركة بين الفئات العمرية الواحدة واظهار مواهبهم وعمل المسابقات الرياضية والفنية والعلمية والموسيقية بينهم فقد يؤدي هذا إلي اندماج شباب الوطن مع بعضهم وتقاربهم بدلا من التقسيم الفئوي والانعزال والغربة والتحدث بلغة لا يفهمها أولاد البلد!!
نحتاج إلي فكر وتخطيط.. وتنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص والأحزاب والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية والإعلام لانقاذ شبابنا وتوحيدهم والاستفادة من هذه الثروة.
** ملحوظة : كل عام منذ أكثر من عشر سنوات عندما تجيء الأجازة الصيفية نكتب "أنا وغيري" مثل هذا الكلام.. ولا جديد.. فهل ترانا نحرث في بحر؟!
مصالح الدول العظمي .. وعقدة ترامب !!
** بعد انتهاء اجتماعات مجموعة العشرين في هامبورج مؤخرا.. اضطرت شركات التأمين في ألمانيا إلي دفع ما قيمته 240 مليون جنيه تعويضات للمتضررين من المظاهرات ضد العولمة وسياسات أمريكا وأوروبا والدول الصناعية الكبري وتزايد الاهتمام بالتسليح واهمال قضايا المناخ وتلوث البيئة حيث قام المحتجون بتدمير السيارات ورشقوا المحلات التجارية بالحجارة ونهبوا بعضها.. وبمناسبة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وسياساته فقد أظهر استطلاع للرأي في الولايات المتحدة تسجيله رقما قياسيا في تراجع مستوي شعبيته وبلغ من يؤيدونه 36% بعد مرور 6 أشهر فقط من توليه المسئولية مما زاد من العقدة المترسبة في ذهن الرئيس بأن الإعلام يعاديه بلا سبب خاصة وهي أدني نسبة يحققها أي رئيس أمريكي في السبعين عاما الأخيرة.. وبالطبع ترامب رفض نتيجة الاستطلاع الذي أجرته صحيفة "الواشنطن بوست" التي ساهمت في اسقاط الرئيس نيكسون بفضيحة "ووترجيت" وقال ترامب في تغريدة علي تويتر "الاستطلاع ليس دقيقا" مع ان هذه النسبة ليست سيئة في الوقت الراهن.
مازالت الشعوب ترفض العولمة والحروب والدمار واهمال قضايا التصحر وتغير المناخ الذي يهدد العالم حيث تسعي الدول الكبري لبيع الأسلحة وعدم الاهتمام بدول العالم الثالث.. ومازال ترامب يواصل خصومته للإعلام ولا يهتم بمن يهاجمونه فإلي متي ستظل الدول العظمي لا تنظر سوي لمصالحها حتي لو أدي ذلك إلي حرب عالمية ثالثة وإلي ركود اقتصادي دولي.. ومن سيكون الفائز في النهاية ترامب أم الإعلام الأمريكي؟!
الفلاح المليونير !!
** توجد في إيطاليا قرية صغيرة تحيط بها الجبال من كل جانب كل أهلها من الفلاحين.. ولكنهم جميعا مليونيرات بل ومنهم مليارديرات مع ان قريتهم لا يمكن تحديدها علي الخرائط وأغلب الإيطاليين لا يسمعون عنها.. هل تعرفون السر الذي حولهم إلي أثرياء؟!
الفلاحون في وادي كيمنو بمنطقة تشوتشاريا الواقعة في منطقة جبال إيطالي الوسطي.. عادوا إلي أصلهم في زراعة أراضيهم.. ورجعوا إلي الطبيعة في مراعيهم.. فحصدوا الخير وأصبحوا يصدرون إنتاجهم من الخضر والفاكهة إلي أنحاء البلاد وإلي الدول المجاورة.. اضافة إلي اللحوم والمواشي وصناعة الألبان والجبن.. فتحولوا إلي أغنياء واكتسبوا شهرة واسعة مع ان واديهم كان مهملا ومنسيا.. ويقول موقع "سي.ان.ان": ان الأهالي تركوا المدن وعادوا إلي واديهم يزرعون ويرعون ويربحون!!
هل يمكن ان تعود الحياة إلي قري ونجوع مصر.. ونري مرة أخري الفلاح الذي ينهض قبل أذان الفجر ليوقظ الشمس ويأخذها معه إلي الغيط ليفلح أرضه ويحرثها وينثر البذور ويرويها بعرقه ليجني القطن والقمح والخضر والفواكه.. ويرعي الأغنام ويربي الماشية وينتج في بيته الخبز ويري انه من العار ان يحضر طعامه من الأفران والبقالين.. ويقيم فوق السطوح أبراج الحمام وعششاً لتربية الدواجن والأرانب.. ويصنع الزبد والجبن ويرسل لأقربائه في المدينة الفطير المشلتت واللبن الرايب والسمن البلدي؟!
صدقوني لو عاد الفلاح الذي كنا نتغني بحياته ونقول "محلاها عيشة الفلاح" فلن يكون في القرية من ينام جوعانا.. وسيقل الفقر خاصة اذا ساعدته زوجته بالأشغال اليدوية واقامة المناحل و المشاتل.. أما إذا تدخلت الدولة ووفرت لهم الأسمدة والتقاوي وأمهات العجول والكتاكيت وأقامت مشروعات صناعية صغيرة في كل قرية وأحيت الأسرة والقرية المنتجة.. وانشأت منافذ لتجميع المحاصيل والمنتجات واللحوم وزرعتها وقامت بتسويقها فستحقق مصر الاكتفاء الذاتي من الغذاء وستنخفض أسعار السلع.. وسيتحول الفلاحون إلي مليونيرات وربما مليارديرات مثل سكان و ادي كيمنو في إيطاليا الذين عادوا إلي أصلهم ورجعوا للطبيعة فمنحتهم الخير!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف