المصرى اليوم
أسامة خليل
قُل الأهلى هزم الأزرق ولا تقل الزمالك
فكرة عبقرية أن يلعب الزمالك أمام الأهلى بفانلة زرقاء، يستحق صاحبها مكافأة خاصة من إدارة النادى، فلأول مرة فى التاريخ لن تحمل ذاكرة الفيديو وقائع تلك الهزيمة، فبعد سنة أو اثنتين- وليس عشرا أو عشرين- عندما تعيد البرامج الرياضية أحداث هذه المباراة أو الهدفين الملعوبين المرسومين بالقلم والمسطرة والفن والهندسة، اللذين أحرزهما وليد سليمان والنيجيرى أجاى، فإنه لا أحد يمكن أن يتصور أن هذه الأهداف دخلت مرمى الزمالك لأن الزمالك طوال تاريخه لم يرتدِ فانلة زرقاء داكنة- قبيحة اللون والشكل- سوى فى هذه المباراة، وما يقرب من ٩٩ فى المائة من مباريات القمة كان الزمالك يرتدى الفانلة البيضاء، والعين اعتادت أن تربط بين الأبيض والزمالك، والأحمر والأهلى، ويصعب أن تتغير القناعة من مرة واحدة.. إلا أن اللون الأزرق ليس وحده الذى سيسقط هذه المباراة من الذاكرة البصرية للجماهير، أيضا فإن الفريق الأزرق كان يضم لاعبين «مجهولين»، ليس لهم تاريخ أو ذكرى حسنة عند جماهير الكرة الزملكاوية.. أضف إلى ذلك أنهم لاعبون محدودو الكفاءة والموهبة واللياقة والطموح، والثابت والمعروف أن الزمالك دائماً ما كان يضم أسماء رنانة تصنع الفارق والبصمة وترهب الخصم، أما هؤلاء العجزة و«الفشلة» فهم أضعف من أن يرهبوا قطة تلعب الكرة، فما بالك بفريق الأهلى الذى لعب المباراة بكل نجوم الشباك فى الدورى المحلى.

■ ■ ■

على القائمين على الأمر فى الزمالك إدراك أن فريق الكرة فى أزمة ضخمة تحتاج إلى رؤية فنية مستقبلية لخمس سنوات قادمة، لبناء فريق قادر على المنافسة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن أبناء الزمالك من أفضل المدربين المنتشرين فى الأندية، وعلى الإدارة أن تختار ثلاثة منهم مشهودا لهم بالخبرة والعين الثاقبة، فالزمالك يحتاج الآن إلى عين ثاقبة وخبيرة فى الاختيار، ويقومون بعمل مسح لفرق الناشئين، وتوفر لهم الإدارة من خلال مدربيها معلومات كاملة عن جميع الناشئين تحت ٢١ سنة، وفى نفس الوقت تجرى مجموعة أخرى مسحاً لأفضل اللاعبين المتاحين فى مراكزهم فى جميع فرق الدورى.. بعدها يتم رسم خريطة ملعب موزعة عليها مراكز اللاعبين، ويتم تسكين ثلاثة لاعبين على الأقل فى كل مركز، وفقاً للمناقشات والدرجات التى سيضعها الخبراء الثلاثة لهم.. وفى نفس الوقت يتم وضع البدائل من اللاعبين الذين سيتم التعاقد معهم من الأندية.

فمثلا فى مركز الظهير الأيمن: من هم أفضل ثلاثة فى الفريق الأول والناشئين؟ ثم من هم أفضل ثلاثة فى الأندية المحلية؟ ومن الأقرب للتعاقد معه؟.. وهكذا، وبعد أن تكتمل الخريطة ويتم تسكين المراكز بأفضل اللاعبين المتاحين يكون الزمالك قد وضع قدمه على أول خطوة فى الطريق الصحيح، ومع اللعب ستظهر النواقص أو جوانب القصور فى المراكز، فيتم دعمها، ثم بعدها يأتى المدير الفنى وهل هو الأفضل فى هذه المرحلة؟ وهل يملك الروح والصبر على بناء فريق؟ أتذكر أن الكابتن صالح سليم عندما سُئل عن سبب اختياره للمدير الفنى الإنجليزى آلان هاريس ولم يكن له تاريخ فى حصد البطولات، قال: «الأهلى الآن فى مرحلة إعادة بناء ويحتاج إلى مدرب يملك الصبر والجلد على بناء فريق والكفاح معه، وهذه هى المواصفات المتوفرة فى آلان هاريس حيث نجح فى الصعود بفريق من دورى الدرجة الأولى إلى الدورى الممتاز».

فحتى اختيار المدرب يجب أن يأتى بناءً على مواصفات وليس حقيبة بطولات.. وإذا كان لى أن أرشح فإننى أرى الإسبانى جاريدو من المدربين القادرين على صناعة فريق شاب يلعب كرة سريعة، ولولا المؤامرة التى حيكت له من اللاعبين الكبار وأحد أعضاء جهاز الكرة لصنع للأهلى فريقاً عظيماً يلعب كرة متطورة وسريعة.

■ ■ ■

أما الأهلى، فالمؤكد أنه أحسن الختام، وكان يمكن أن يفوز بالخمسة، ولكن الثنائية كافية فى ظل المجهود الكبير الذى بذله اللاعبون وجهازهم الفنى طوال الموسم، وللأمانة فإن حسام البدرى قاد السفينة إلى بر الأمان، فاز بالدورى قبل نهايته بأربعة أسابيع من دون هزيمة واحدة، وصعد للدور قبل النهائى فى بطولة الكأس ودور الثمانية فى البطولة الأفريقية، وحقق ذلك فى ظل غياب الدعم الجماهيرى وحملة مغرضة على السوشيال ميديا يمولها أحد المرشحين المحتملين لانتخابات الأهلى (ليس محمود الخطيب طبعاً)، ولكن هذا لا يمنع خلافى مع رؤيته الفنية وتمسكه باللاعبين الكبار دون مراعاة للإجهاد الكبير الذى يعانونه، وعدم العدل أو الخوف والتردد فى إعطاء الفرص للبدلاء مثل صالح جمعة ومحمد هانى وكريم نيدفيد وأكرم توفيق، ولكن يبقى أن النتائج والبطولات تؤكد أن وجهة نظره هى الأصح إلى أن يجد جديد.

■ ■ ■

أراه موقفاً مؤسفاً ومخزياً ومخجلاً للأهلى وإدارته، الموافقة على إعطاء حسام البدرى إجازة قبل انطلاق البطولة العربية للسفر إلى أسرته فى كندا، وتكليف أحمد أيوب بإدارة مباريات البطولة، وهنا أذكر لكم ملاحظات تبرر غضبى من القرار:

أولاً: المسؤولية الفنية لأى بطولة يشارك فيها الأهلى مسؤولية المدير الفنى، وأى إخفاق يتحمل مسؤوليته.. وليس معنى أن المدرب كان يرفض المشاركة فيها- لأسباب أراها عن نفسى موضوعية- أن يهرب من المسؤولية، فهذا تحدٍ بغيض للإدارة التى أعلنت أن المشاركة فيها لأسباب سياسية ودعم العلاقات العربية فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد.

ثانياً: الثابت والمعلوم أن المدير الفنى هو رمز للفريق، ولا أحد يلوم الأهلى أو مديره الفنى على المشاركة بالبدلاء، خاصة أن ثمنهم ورواتبهم أضعاف اللاعبين الأساسيين فى أغلب الأندية المشاركة، ولكن من العيب أن يغيب الرمز دون سبب قهرى، فهذا يُفهم على أنه استهانة واستهتار بالبطولة، وتقليل من شأن المشاركين فيها، وهذا ما دفع نائب رئيس فريق الفيصلى الأردنى للهجوم على البدرى واتهامه بأنه «مدرب أقل من أن يدرب فريقا كبيرا مثل الأهلى»، فالتصرف غير المسؤول «أغضب» الإخوة العرب وأفسد الغرض الذى أقيمت من أجله، وهو تقريب الأشقاء وليس إغضابهم والتعالى عليهم.

ثالثاً: حصول المدير الفنى الكندى الكابتن حسام البدرى على إجازته، والتى تزامنت مع إعطائه راحة للاعبين الأساسيين، من شأنه أن يسرب حالة الاستهتار والتسيب والتراخى لباقى اللاعبين، ويشعرهم بأنهم دون مستوى أن يقودهم المدير الفنى، لذا تركهم لمساعده، وبدلاً من أن يكون لديهم الدافع لإثبات أحقيتهم باللعب أساسيين، تسرب إليهم الإحباط واللامبالاة، ودخل الأهلى خاسراً روحه المعنوية ودوافعه قبل أن يلعب.

■ ■ ■

سألنى صديقى الصحفى اللامع محمد الشرقاوى: لماذا ترتدى نظارة سوداء وأنت تكتب عن الزمالك؟ ألا يوجد فى هذا النادى أو إدارته شىء إيجابى يستحق التنويه؟

فقلت له: بالطبع هناك إيجابيات، ولكن هزائم فريق الكرة وطريقة إدارته سحابة سوداء تغطى على كل الإنجازات، وأهم تلك الإنجازات ارتفاع قيمته السوقية بشكل رائع، فبعد أن كان يبيع رعايته بثلاثة ملايين جنيه سنوياً، وصل الآن لـ(٢٠ مليون جنيه) وقابل للزيادة، ونفس الأمر بالنسبة لحق إذاعة المباريات، وهى مكاسب اقتصادية سبق أن فرطت فيها عن ضعف وعمد مجالس الإدارات السابقة وبتواطؤ مع وكالة الإعلان، وهذه قصة طويلة سنذكرها فى حينها.

أيضاً نجحت الإدارة فى بيع محمد عبدالشافى وعمر جابر وإعارة كهربا ومصطفى فتحى، مقابل ١٢٥ مليون جنيه فى عامين، وهو رقم مذهل لم يتحقق، وهو نجاح فى التسويق والبيع. ومن الإيجابيات: الإنشاءات، وتطور الشكل الجمالى والبنية التحتية، ورغم أننى لم أرها إلا فى الفيديوهات إلا أننى دخلت الزمالك قبل ما يزيد على عشر سنوات وكان خرابة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولكن هذه الإنجازات الاقتصادية والإنشائية تغطى عليها السحابة السوداء لهزائم فريق الكرة.

■ ■ ■

أعلن النادى الأهلى، على لسان الأستاذ عماد وحيد، أن سعر بيع بث مباريات الدورى فى الموسم القادم لن يقل عن ٧٥ مليون جنيه.. وهو رقم أراه عادلاً، ولكنه حتى الآن لم يعلن عن فتح باب المزايدة، ويتبقى على الموسم الجديد أقل من شهر ونصف، فهل تعلن إدارة الأهلى ما يمنعها من فتح المزايدة أم انها باعت فى السر ومددت عقد الشركة الحالية؟

السعر الذى يبيع به الأهلى هو الذى سيحدد سعر السوق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف