نشأت الديهى
الجوائز.. وعبقرية الطاهر مكى
كنت قد كتبت مقالى «الجوائز قبل الجنائز» واستنكرت فيه أن يحصل على جوائز الدولة فى الثقافة والعلوم والفنون من فارقوا الحياة منهم، وحرمانهم من فرحة نيلها فى حياتهم تكليلا لمشوار عطائهم، وخصصت توجيه لومى لتقصيرهم فى حق أحد علماء العربية الأجلاء أ. د. الطاهر مكى، الذى تم منح روحه جائزة النيل بعد رحيله عن عمر يناهز الـ٩٣، فلم يهنأ بها ولم يسع إليها..
المدهش أن يتم الاستشهاد برأيى فى طيات بحث علمى رصين نُشر فى مجلة علمية محكمة، خطته الأستاذة الدكتورة إلهام سيف الدولة حمدان، بعنوان «عبقرية الطاهر مكى»، تلقفت ما ناديت به واتخذته متكأ لمناداة وزارة الثقافة بالعمل به وإهداء الفرحة لمن يستحق قبل مغادرته إلى دار الحق، وان اختلفت معى فرأت أن مجىء الجائزة متأخرة أفضل من تغييبها.. وسؤالى الملح الآن: لماذا تنتظر الوزارة أن يتقدم العالم بنفسه طالبًا أن يفحص إنتاجه العلمى وينتظر حكمًا يصدرونه يحتمل القبول أو الرفض، وقد يعلم أن باللجان الفاحصة من تتلمذوا على يديه.. أليس الأجدى أن تتبع هى أعمال العلماء والمبدعين بدلا من الاقتصار على الترشيحات من هنا وهناك، وتختار من يجدر منحه هذه الجائزة أو تلك، ويكون الفوز بها مفاجأة مفرحة له ولأهله وذويه ومريديه؟! وحتى تحفظ كرامة علمائنا ولا تريق ماء وجوههم باستجداء تكريم هو حق لهم.. ولنا فى جائزة نوبل التى فاز بها نجيب محفوظ ما نسترشد به فى هذا المضمار، فعنصر المفاجأة بالفوز كان وقعه موازيًا لنيل الجائزة نفسها عليه وعلى الجميع.. علهم ينصتون إلى صراخ أقلامنا لتكريم أعلامنا الكبار حتى نشعر بأن لأصواتنا رجع الصدى، ويطلقونها شكرًا مدوية فى أبهى صورها لكل عطاء!