لا أعرف إلي من أتوجه بهذه الكلمات: هل إلي المسئولين عن ماسبيرو؟ أو إلي منتجي القطاع الخاص؟ أو إلي مؤلفي الدراما الذين آثروا كتابة الدراما من الباب. وأهملوا النص الأدبي الذي يصعب أن يتشكل بدونه عمل درامي حقيقي؟
الظاهرة المهمة التي لفتت مشاهدي الشاشة الصغيرة في مسلسلات رمضان الماضي. هي أن النص الأدبي الذي ينقل درامياً. بواسطة فنانين جادين. يجتذب اهتمام المشاهد ووعيه. بعكس مسلسلات الهيافة والهلس التي تكتب بداعي السبوبة.
لعلنا نتعرف من استعراض تاريخنا السينمائي. إلي أن الأعمال الدرامية المأخوذة من نصوص أدبية هي التي حققت تمايزاً فنياً. جعلها أقرب إلي الكلاسيكيات: دعاء الكروان لطه حسين. بداية ونهاية لنجيب محفوظ. في بيتنا رجل لإحسان عبدالقدوس. شباب امرأة لأمين يوسف غراب. الأيدي الناعمة لتوفيق الحكيم. الحرام ليوسف إدريس. البوسطجي ليحيي حقي. أم العروسة لعبدالحميد السحار. رد قلبي ليوسف السباعي. لقيطة لعبدالحليم عبدالله. وغيرها.
تذكر بالطبع بدايات المسلسلات الرمضانية. كانت الحلقات تستغرق أسبوعاً واحداً. ثم ألحت "السبوبة" فامتدت إلي أسبوعين. ثم زاد الإلحاح فقصر المؤلف العبقري علي نفسه كتابة القصة والسيناريو والحوار. وأسرف في التطويل بلا دواع فنية ولا موضوعية. وأصر أن يفرض مسلسله إلي ما بعد اجازة العيد.
الإبداعات الروائية والقصصية تعيش رواجاً لافتاً. ونسبة قرائها في تضاعف. فلماذا لا نسير في الطريق الصحيح؟ لماذا لا تكون الإبداعات السردية هي النبع الذي تنهل منه أعمالنا الدرامية. ولو لاجتذاب القاعدة العريضة من قراء الابداع القصصي الروائي؟
أثبتت مسلسلات رمضان أن الجمهور يرفض دراما السلق والتوليف وكتابة المسلسل من بابه. ويطلب في المقابل دراما حقيقية. قوامها عمل أدبي له قيمته. ويتشارك في إعداده درامياً كاتب السيناريو وكاتب الحوار!
حتي مسلسل " الجماعة" الذي كتب قصته وأعد له السيناريو والحوار مبدع موهوب هو وحيد حامد. عاني انتقادات كثيرة. معظمها أشار إلي أن الجهد الفردي. يصعب أن يصنع عملاً فنياً حقيقياً. قرأنا عن ثغرات في المادة التاريخية. وفي تطويع الحقائق لخدمة درامية العمل. وفي غلبة وجهة النظر الشخصية بما قرب العمل من نفس المتلقي. والكلمات للرائعة سناء البيسي عقب غيابها الذي لم يكن له ما يبرره عن الأهرام. وإن عادت الأعين للبحث عن صفحة سناء البيسي أول قارئة للجريدة.
حرام أن نخضع الذوق المصري لإرادة مبتزين يصرون علي إتحافنا بتواليفهم الفذة في القصة والسيناريو والحوار. لمجرد الحرص علي "السبوبة"!