ساد انطباع لدي المصريين طوال عشرات السنين الماضية بأن وزراءنا وزراء مكاتب. لا يتحملون عناء جولات الشارع اليومية. في ظل وجود اجتماعات للحكومة أو استقبال وفود محلية وأجنبية ومناقشة قضايا الوزارة الملحة والتعاون مع بقية الوزارات لتنفيذ سياسات الحكومة ومن قبلها توجيهات السيد رئيس الجمهورية.
وزراؤنا ظلوا لسنوات ـ ومازال كثيرون منهم حتي اليوم ـ يكتفون بالتقارير المكتبية ولا يلجأون للجولات الميدانية إلا كل فترة ذراً للرماد في العيون ولكي ينفوا عن انفسهم صفة "وزراء مكاتب".
لدينا وزيرة مصرية استطاعت خلال فترة وجيزة ان تغير هذا الانطباع السائد عن الوزراء. استطاعت أن تثبت بالواقع العملي أن المرأة قد تكون أكثر نجاحاً من الرجل في أي منصب يسند إليها عندما تتاح لها الفرصة وتيسر لها السبل وتوفر لها الامكانيات.
لدينا وزيرة مصرية تشعر بأنها أحد أفراد أسرتك. تتحدث بصدق وصراحة وبمنطق وبمنتهي البساطة. تشعر بمعاناة الناس. وتواجه الحقائق مهما كانت موجعة. ولا تتورع عن أن تعترف بالخطأ إذا حدث منها أو من أحد المسئولين بوزارتها. ولديها من الشجاعة ما يجعلها تواجه الأمور بحسم وموضوعية حتي أصبحت من الوزراء المفضلين لدي المصريين الذين يستطيعون فرز الصالح من الطالح بسهولة. إن لم تكن هي الوزيرة المفضلة لديهم فعلاً.
الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي من أنشط إن لم تكن أنشط الوزراء في الحكومة. فعندما كانت وزيرة للتعاون الدولي فقط قبل خمسة أشهر كان نشاطها مقصوراً علي عقد اتفاقيات بالقروض والمنح الخارجية حتي أنها لكي تنفي عن نفسها صفة وزيرة القروض كانت تقوم بزيارات ميدانية لأقاصي النجوع بالريف والصعيد حتي يري الناس انعكاس هذه المنح والقروض علي حياتهم اليومية من إنشاء شبكات للصرف الصحي وإدخال المرافق مثل المياه والكهرباء والغاز ورصف الطرق وبناء مستشفيات وغيرها. وعندما أضيفت إليها وزارة الاستثمار ذات المهام الثقيلة في هذا التوقيت الحرج لم يقل نشاطها. بل زاد. نظراً لوجودها في جميع جولات السيد الرئيس الخارجية تقريبا وعقدها اجتماعات مع المستثمرين ورجال الأعمال في هذه الدول لجذب المزيد من الاستثمارات بما ينعكس إيجابياً علي الاقتصاد المصري. بالإضافة لاستقبالها العديد من الوفود الاجنبية بمكتبها يومياً تقريباً. وأيضاً اهتمامها بملف إعادة تشغيل المصانع المتوقفة حتي أنها أعلنت في حوار تليفزيوني منذ أيام أنها تمكنت من إعادة تشغيل مائتي واثني عشر مصنعا كانت متوقفة باستثمارات تصل إلي اربعة مليارات جنيه. والبقية تأتي.
أما جهودها بالنسبة لإقرار قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية فهي تستحق الإشادة وتؤكد اهتمامها بحل مشاكل المستثمرين ومنح حوافز ومزايا لجذب استثمارات جديدة. هذا بخلاف الأنشطة الأخري للوزيرة التي تؤكد أنها ربما أكثر الوزراء فهما لفكر الرئيس خلال هذه المرحلة.
نشاط الوزيرة سحر نصر هو الأبرز في وزارة المهندس شريف اسماعيل. وسوف ينعكس علي واقع المصريين خلال الأشهر المقبلة. كما أن اسمها يتردد بقوة لدي المنظمات والمؤسسات الاقتصادية الدولية بشكل إيجابي جداً. فأصبحت واجهة مشرفة لمصر في الخارج لدي المؤسسات الدولية. ومن قبل ذلك في الداخل لدي المصريين فأثبتت أنها وزيرة بمائة وزير. وربما يتم إسناد مهام اخري إليها خلال المرحلة المقبلة بعدما أثبتت نجاحات كبيرة خلال الفترة القصيرة الماضية.