جلال دويدار
ردود فعل سلبية.. تجاه «أكشاك فتوي المترو»
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية إيجابا وسلبا حول إقامة أكشاك للفتوي والإرشادات الدينية في محطات المترو. التعليقات بشكل عام اتسمت بالحدة في رفض الفكرة بينما جنح جانب منها إلي التندر والتفكه. ما حدث يشير أنه ومهما كان صاحب فكرة هذا المشروع إلا أنها افتقدت للدراسة والبحث والاستطلاع. هذه الخطوة كانت ضرورية قبل التنفيذ لمعرفة وتقدير وتقييم ردود الفعل التي أشاعت جوا من الغيوم والشكوك حول ما يمكن أن يتحقق من ورائها.
يقولون إن فكرة هذا العمل تستهدف محاربة التطرف وتوعية المواطنين بشئون دينهم. قد تكون النية صادقة وسامية والهدف سليما.. ولكن وعلي ضوء ردود الفعل فإن اختيار المكان غير مناسب لطلب أو تقديم هذه الخدمة. المؤكد أن ظروف الغالبية الذين يستخدمون المترو غير مواتية سواء من ناحية الوقت أو الاستعداد لاستقبال الفتوي أو النصيحة الدينية. علي هذا الأساس كان من الطبيعي أن يتحول الأمر إلي قضية خلافية تؤدي إلي إجهاض أهداف هذا المشروع وهو ما يعتبر إهداراً للمال العام. ليس هناك ما يمنع من بحث ومراجعة كل ما حاط بالمبادرة واتخاذ ما يتناسب من إجراءات تتوافق وردود الفعل الجماهيرية.
في هذا الشأن وعلي ضوء ما حدث فقد كنت أتمني أن توجه الجهة التي تقف وراء المشروع جهودها بدلا من ذلك وبالتنسيق والتعاون مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف لتحقيق الانضباط والالتزام بالصالح الوطني والإسلامي. كان يتحتم عليهم في إطار هذا التوجه العمل علي تنمية ورقابة وتنقية خطب الدعاة الذين يعتلون منابر بعض المساجد بما تتماشي مع القيم الدينية الصحيحة التي تدعو للسماحة وتنبذ العنف والإرهاب تحت أي مسمي. لا جدال أن ما يقولونه للمصلين في هذه المساجد يقوض كل ما تسعي إلي تحقيقه أكشاك فتوي المترو.
من ناحية أخري كان الأجدي أن تتضافر جهود الذين يقفون وراء مشروع أكشاك فتوي المترو للعمل بمنبر إعلامي حرفي استناري لتقديم فتاواهم وإرشاداتهم ونصائحهم الدينية حيث ستكون أقوي وأوسع تأثيراً. وفي إطار ما تم الحديث عنه بشأن ما يجب أن يتسم به الخطاب الديني. إنني لا أجد ما يمنع من أن يكون للمؤسسة الدينية قناة أرضية أو فضائية للقيام بهذه المهمة. لا يخفي علي أحد أن مهادنة ما يطلقه الجهال والتجار والعملاء من أفكار ضالة أدت إلي تشويه الفكر الديني ونشر التطرف والإرهاب.
حان الوقت لأن يتحرك رجال الدين الذين يتوافر لديهم العلم للتصدي بكل قوة وصراحة وشجاعة وجسارة لتلك الانحرافات التي أصبحت عبئا ثقيلا علي الإسلام والمسلمين وعليهم.