الوفد
عباس الطرابيلى
سيناء.. وأسباب التعثر
نعترف أن الإرهاب- في سيناء- نجح وإلي حد بعيد في إجهاض أو تقليل مشروعات تعمير وتنمية سيناء.. وإن كان واضحاً أن المشروعات الكبري لم يتوقف العمل فيها، وبالذات وسائل ربط سيناء بالدلتا ووادي النيل، وفي مقدمتها تلك الأنفاق التي تتكلف مليارات الجنيهات.
ولكن لا ينكر أحد أن طول فترة وعمليات مواجهة الإرهاب أجهض غيرها من المشروعات.. الخاصة والحكومية علي حد سواء. وفي المقدمة مشروعات إنشاء المساكن والقري العصرية.. بل ومشروعات التصنيع هناك، رغم نجاح إنشاء مصانع الأسمنت هناك- جنوب العريش بعدة كيلو مترات- رغم الدور الحيوي الذي قامت وتقوم به القوات المسلحة من معاصر للزيوت ومشروعات زراعية للزيتون والمكرونة لتدبير احتياجات السكان، فضلاً عن احتياجات القوات المسلحة نفسها.. وكذلك مشروعات تعبئة مياه الآبار. ولكن ماذا عن مشروعات تعبئة التمور وتصنيع الرخام ومساهمات القطاع الخاص، التى تكاد أن تتوقف بفعل العمليات الإرهابية من جهة.. وإجراءات الدخول والخروج إلي سيناء من جهة أخري.. وهذا للأسف بسبب العمليات الإرهابية، التى لم تعد تتوقف عند خط الحدود مع غزة وهو لا يتعدى 12 كيلومتراً. وليس فقط عند رفح والشيخ زويد والمساعيد.. إذ لا يمضي يوم إلا وتقع عملية في العريش.. أو عمليات أخري في شمال سيناء..
<< ذلك أن من أهم أهداف الإرهاب هو ضرب مشروع توطين ثلاثة ملايين مصري من الدلتا والصعيد في سيناء، اعتقاداً، من البعض بأن هذا التوطين يؤدي إلي العدوان علي حق أبناء القبائل- قبل غيرهم- في تقنين أوضاع ملكيتهم للأرض هناك لأن من أبناء القبائل من يري أن هذا المشروع القومي يجعلهم «يسيحون» وسط الملايين التي تخطط الدولة لتهجيرهم إلي هناك، ليصبح أبناء القبائل السيناوية أقلية وسط طوفان الهجرة إلي هناك..
<< وهذا باطل يراد به حق؛ لأن مشروع التهجير- من الدلتا- سيؤدي إلي زيادة توفر الخدمات- بكل أنواعها- من مساكن ومدارس وعيادات وأسواق ومصانع، أي إقامة حياة متكاملة، فضلاً عن ضمان توفر مياه الشرب، والرى.. ولا ننسي هنا ما تعرض له الأشقاء المسيحيين في العريش مثلاً إذ أجبرهم الإرهاب علي ترك بيوتهم وأعمالهم في سيناء.. وتحولوا إلي لاجئين..
وبالمناسبة كان ذلك هو موقف القبائل العربية في محافظة الشرقية الذين واجهوا مشروعات محمد علي في تطوير المنطقة.. وكان ذكياً.. إذ كلفهم بحماية حدود مصر الشرقية وتوفير الأمن والأمان.. مقابل إعفائهم من أداء الخدمة الإجبارية في القوات المسلحة.. وأيضاً مع تعهده بتقديم مساعدات دورية وثابتة من المواد الغذائية، وكذلك كان الوضع زمان مع عربان الصحراء الغربية من قبائل أولاد على الأحمر والأبيض.. وبعض أبناء إقليم الفيوم.
<< ويرى البعض أن حل مشاكل سيناء يجب أن يبدأ بإنشاء محافظة ثالثة هناك.. أى اقتطاع الجزء الجنوبي من محافظة شمال سيناء.. مع الجزء الشمالي من محافظة جنوب سيناء.. لإنشاء محافظة «وسط سيناء».
والقضية ليست في جهاز إداري سوف يتبع بالضرورة إنشاء المحافظة الثالثة بل القضية تكمن في تغيير الفكر المصري والسلوك المصري في موضوعات التنمية والتعمير.. وليست فقط مشروعات بنية أساسية من طرق وكهرباء ومياه..
<< وهذا التغيير المطلوب يبدأ من تغيير النظرة إلي سيناء واعتبارها منطقة كر وفر للعمليات العسكرية، كما كانت منذ آلاف السنين.. وربما يحسن تغيير النظرة المصرية إلى أرض سيناء بإنشاء وزارة تعمير وتنمية سيناء.. أو وزارة سيناء.. بشرط أن يكون معظم مسئوليها من شيوخ وعواقل قبائل سيناء وأن نستمع جيداً للفكر الجديد.. وادرسوا مثلاً تعمير كل الغرب الأمريكي وكيف ولماذا نجح.. حتي أصبح هذا الغرب هو جنة الولايات المتحدة!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف