المصرى اليوم
نيوتن
عبدالناصر والجيش
فى 3 أغسطس 1967. بعد مرور أقل من شهرين على النكسة. اجتمع عبدالناصر وقيادات الاتحاد الاشتراكى. محضر الاجتماع نشرته جريدة صوت الأمة. الوثيقة أشبه بوقفة مع النفس. مراجعة لكل ما جرى. السعى لتغيير أشياء كثيرة خاطئة. خلال الاجتماع، الذى ترأسه الرئيس جمال عبد الناصر، وحضره زكريا محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعى وعلى صبرى وصدقى سليمان، قال عبد الناصر «النظام اللى إحنا فيه أنا خايف منه. أنا أقوى واحد فيكم لكن خايف. لأنى شفت انحرافات مش قادر أقوِّمها ولا أوقفها». يفند بعد ذلك المشاكل الموجودة فى النظام. مؤكدا أنهم سيتكلمون بصراحة أكثر مما يحدث فى مجلس قيادة الثورة.

المشكلة الأولى التى أكد عليها عبدالناصر مشكلة قيادة القوات المسلحة. قال إن عبدالحكيم عامر شخص مدنى يرتدى زياً عسكرياً. معلوماته العسكرية انتهت عام 52. طلب أن يكون القائد شخصا متعلما. محترفا. قال: «كل 3 سنين لازم يمشى. زى اليهود. ونكون بنعلم واحد. رابين السنة الجاية هيمشى. واللى جاى بعده بيتعلم أحدث الفنون علشان ييجى».

رؤية حكيمة. قدمها عبدالناصر لقيادات الاتحاد الاشتراكى. يريد أن يضع نظاما للجيش يضمن استمراره. يضمن كفاءته وتحديثه واحترافيته باستمرار. لكنه فوجئ بصديق عمره يرفض الرحيل. أراد أن يرضيه ويعينه نائبا أول للرئيس. إلا أنه رفض وقال له «ماترضاليش.. يا الجيش يا بلاش»- حسب تعبير عبد الناصر- كان يدير الجيش بالتليفون. إلا أن عبد الحكيم عامر رفض أن يترك موقعه. رفض أن يعترف بالمسؤولية. على الجانب الآخر اعترف عبد الناصر بأنه هو شخصيا لا يعرف شيئا عن الجيش، وبأنه فوجئ فى الحرب بأن الجيش يقاتل بأسلوب سنة 14. قال: «السيستم حطنا فى مشاكل كلنا كنا شايفينها وماعرفناش نصلحها».

كان رأيه أن من يتولى مسؤولية الجيش يجب أن يكون محترفا. وحكيم يصبح نائبا أول. وصف شمس بدران، وزير الحربية، بأنه أبكم وأصم وغبى. وبرر بعد ذلك سبب اعتقال شمس بدران ومجموعته «دفعة 48»، وقال إنه «مش راجل.. لو كان راجل كان قال لى إنه عنده تنظيم فى الجيش»، بل وصل الأمر إلى وصف المجموعات المختلفة داخل تنظيم الضباط الأحرار بالعصابات.

خلال الاجتماع. كان عبدالناصر فى غاية الصراحة. حكى عن التنحى وقال السادات لما عرف القرار قال مستحيل.. بنمشى كلنا. قلت لحكيم شمس غير عملى.. أنسب واحد هو زكريا، وكنت متصور الناس هتطلع تضربنا بالجزمة. لأننا عملنا عملة ماتستاهل غير ضرب الجزمة الحقيقة».

فى هذا الاجتماع وضع عبدالناصر واجبين أمامه أولا: «البلد اللى اتفسخت نلمها»، ثانيا: «نشوف إيه الأخطاء اللى فى نظام الحكم ونصلحها»،

«الموضوع إن مش إحنا اللى نحكم.. الموضوع وضع الـsystem السليم للناس دول. إفرض ضربنا فى بعض بالجيش!

- الجيش أنا لا أعرف عنه شيئاً. لجنة تصفية الإقطاع أنا مشغول لكن كنت بامضى. التعيينات ماعينتش واحد- الرفت ما رفت واحد».

ويشير مرة أخرى إلى «مشكلة السيستم» قائلا: «نظام الحزب الواحد نظام خطأ. تحصل فيه صراعات على السلطة كبيرة جدا. ولازم تحصل تصفية. الصين كنظام كان مثاليا فى التنظيم إلى أن حصل الانفجار. الدنيا واقعة والبلد بتتقسم».

عبدالناصر إذن كان يخطط للمستقبل. ينظر للواقع الموجود من حوله. يبحث عن حلول للأزمة. لم يكابر أو يتقاعس. كان يريد تغيير الـ«system» وضع نظام للناس تسير عليه. حماية البلد من التفسخ والتشرذم. لكن لم يكن هناك من يساعده. لم يستمع أحد لكلامه. اعتبروه رمزا قادرا على الاستمرار فى الحكم إلى ما لا نهاية. بالأساليب القائمة نفسها دون تغيير أو تطوير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف