الأهرام
سعاد طنطاوى
مريم وعبد الراضى ومجتمع لايرحم فقير
أنتهى ماراثون الثانوية العامة بعبع كل بيت ومصدر كل النكد على الاسر المصرية . أما انه بعبع فهذا بسبب سياسة الاعلام الموجه منذ سنوات طوال التى تتعمد تصدير الثانوية العامة على أنها بعبع دون غيرها مع أن هناك ثانوية أزهرية وثانوية فنية وكلها تحدد مصير ومستقبل ابنائنا التعليمى فيما بعد
المشكلة تعود كل عامن من جديد .. مشكلة المجموع وفقدان الطالب واسرته لحلم الالتحاق بكليات الطب والاسنان والصيدلة والهندسة وكأن ما دونهم من كليات يأتى فى ذيل القائمة مما يكشف لنا عن اضمحلال الثقافة المصرية التى جعلت الاسر ، كل الاسر غنية وفقيرة تتكالب على تلقين ابنائها دروسا خصوصية بألاف من الجنيهات التى لاتملكها بل وتضطر فيها الى الاستدانة احيانا أو عمل "جمعيات " كى يحصل على مجموع ، وهذه الاخرى فيها ايضا قولان فإن كان ذويه من الاسر القادرة ماديا فقد حجزت له فى جامعات خاصة واحدة واثنتين وثلاثة وقبل ظهور النتيجة فكل ما يهمهم هو شهادة تقدم عند تعيين المحروس فى الوظيفة المحجوزة لابن جنابه وهو لسة فى ثالثة أعدادى ، أما لو كان من ابناء الطبقة الفقيرة لانه لم يعد هناك طبقة وسطى ، فليأخذ الشهادة من سكات ويعلقها على الحيط حتى يتسنى له الوقوف دون تعب فى طابور العاطلين .

"مريم فتح الباب " بنت الرجل البسيط و " عبد الراضى علام حسن عوض " ابن الفلاح الذى يعمل باليومية من أوائل الثانوية العامة هذا العام ، مريم حاصلة على مجموع 99.3 %، و عبدالراضى علام حاصل على 99.76 %، لكنه لم يأتى فى ترتيب الأوائل لتأجيله مادة «الجولوجيا» من العام الماضى بسبب ظروف مرض والده ، نموذجان رائعان لابناء الطبقة الفقيرة الكادحة ، اجتهدا حتى حصلا أعلى الدرجات كى يلتحقا بأحدى كليات القمة ،ولا يدرى كلاهما سواء مريم او عبد الراضى ان كثيرا من الاغنياء يحسدونهما على هذه النعمة التى لم يتحصل عليها ابنائهم الفاشلين فى الوقت الذى يتمنى فيه مريم وعبد الراضى الالتحاق بكلية الطب لكنهما يخشيان مصاريفها ، اما ابناء الاغنياء الحاصلين على مجموع ضعيف فقد تم الحجز لهم قبل موعد اعلان النتيجة فى جامعات خاصة وربما حجز وظيفة ايضا

وهذا يعنى أن خللا ما موجودا فى منظومة المجتمع المصرى ، يقود الى الشعور بفقدان العدالة ، فى ظل وجود كثيرين من الفقراء امثال مريم وعبد الراضى يمنعهما الفقر من تحقيق احلامهم

إلا أنّ الإعلام يثقل وتذكرت مقولة وزير العدل الاسبق المستشار صابر محفوظ بأن أبناء البسطاء لا يلتحقون بالنيابة ومقولة السابق المستشار احمد الزند بان القضاء لأبناء القضاة وهكذا فان الواقع يقول ان الوظائف فى مصر حصرية فالطب لابناء الاطباء والشرطة لابناء الشرطة والصحافة لابناء الصحفيين ، والدبلوماسية لابناء السفراء فهل يا ترى والحال بهذا الشكل لو استمرت مريم وعبد الراضى على تفوقهما العلمى فى كلية الطب من يضمن لهما دخولهما سلك التدريس الجامعى ومن يضمن لهما ايضا الا يأتى واحد من ابناء اساتذة الطب الكبار بتقدير جيد جدا مثلا معاه واسطة ويسرق فرصتهم ويتعين بدلا منهما ، وأى هما ، هما ابناء الفقراء لاحول لهم ولا قوة الا بالله وبتفوقهم العلمى الذى يتلاشى أمام الواسطة والمحسوبية والفساد وانعدام الضمير وغياب العدالة

احتفل المجتمع بالاثنين ، جميل ثم ماذا بعد . هل هناك من يتكفل برعايتهما لدخول كلية الطب ام نتركهما فريسة للمجتمع الذى لا يرحم فقيرا ؟

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف