راندا يحيى يوسف
أخلاقيــات الصحـــافة فــى عصــر الإنترنــت
تطــورات عديـدة ومتــتابعة لحقـت بركــب الصحـافة الورقيـة علـى مــّر العصور ، والتى كـان لهـا أبلـغ الأثــر فى تغييـر مضمونهــا وشكلها العام وبالتبعــية طريقة تناولهـا لمجريـات الأحـداث ، وعنــدما إكتشـف العالـم الـــــ " world wide wep "أو الشبكـة العنكبوتيـة العالمية ، حدثــت ثورة هائلـة فى طـرق نشـر المعلومـات والمعرفـة ، وبـات الأمـر لا يتطـلب أكثـر مـن دقـائـق معـدودات لتصل للمعلومـة من مصـدرها
الأمـر الذى إستوجـب ان تتجــه الصحـف الورقيـة لإنشـاء مواقـع خاصـة بها ، ومـن بعـدهـا ظهـرت المواقـع الإخباريـة والبوابـات الإلكترونية والمدونـات النصية ، وكذلك شبكـات التواصـل الإجتمـاعى كالفيـس بـوك وتويـتر وأخيراً تطبيقات البث الحىّ المباشر مثل سكايب ، وأدى هــذا التوسـع الإلكترونى لإفسـاح المجـال للمواطـن العـادى للكتابـة والنشر المجـانى وقتما يشـاء وكيفمـا يريـد ؛ ممـا تسـبب فى ظهـور العديـد من التحديـات والمشاكـل الأخلاقيـة التـى تمـس معاييـر المهنـة مـن جانـب ، والأفـراد والمجتمع مـن جانب آخـر ..
وعلى الرغم من المميزات العديدة للصحافة الإلكترونية ، إلا أنه يجب التفرقة بين نوعين منها ، أحدهما الصحافة الإلكترونية التى يتولى شؤونها صحفيين محترفين ومهنيين ، ويمثلون أحد المطبوعات الورقية الخاضعة لأخلاقيات ميثاق الشرف الصحفى ، وهى تفرض عليهم تقديم محتوى إخبارى جيد ، بالإضافة إلى الإلتزام بالمسئوليات والمعايير المهنية والأخلاقية وعدم الإخلال بها ، مع وجود مصادر محددة يستقى منها الصحفى معلوماته ، والنوع الآخر من الصحافة الإلكترونية الذى يفرض وجوده ويتولى الإشراف عليه من ليس لهم علاقة بالمهنة من قريب أو بعيد ، ويقومون ببث أخبار غير موثوق من صحتها ، لأنهم لا ينتمون للجماعة الصحفية ولا توجد عليهم أدنى مسئولية قانونية لمحاسبتهم على ما ينشر من أخبار أو صور أو أحداث ، وبالتالى تحول أي شخص فى أى مكان فى العالم إلى صحفى إخبارى لا يمكن السيطرة عليه ، حيث يجد سهولة للقيام بتصدير أفكاره وآرائه الشخصية وتوجهاته الذاتية للغير ، متسببًا فى تحول الصحافة الإلكترونية عبر الإنترنت إلى صحافة للهواة وليس للمحترفين ، دونما إعتبار لمراجعة خبر أو محتوى.
ومن هنا تجدر الإشـادة بصدور قانون النشر الإلكترونى ، الذىوضع تقنين وتشريع صارم لضمان الرقابة وإحكام السيطرة على حالات الإنفلات المتعمدة فى مواقع التواصل الإجتماعى ، وإخضاع كافة المواقع لفلتر معلوماتى قبل السمــاح بعرضــها ، خاصة مع شيوع أجهزة الهواتف المحمولة المجهزة بكاميرات لإلتقاط الصور ، الأمرالذى مكَّن الكثيرين من المواطنين غير المدربين من القيام بمهام الصحفى لنقل مشاهداتهم ، كما تأتى أهمية القانون فى ضبط الحرية وإحكامها فى بوتقة من الضوابط الأخلاقية والقانونية ، لترافقها المسؤولية والدقة والموضوعية .