علاء عريبى
هل ستهدر السودان حصتنا من المياه؟
من المشاكل الخطيرة التى ستواجه مصر خلال الفترة القادمة، وقد تعمل على تهديد أمن مصر المائى والغذائي، وقد تفجر أزمات مع بعض الأشقاء العرب، مشكلة مياه النيل فى السودان الشقيق، أو بمعنى محدد: حصة السودان من مياه النيل.
حسب الاتفاقية الدولية تقدر حصة السودان بحوالى 18.5 مليار متر مكعب، إضافة إلى 13 مليار متر مكعب من الأمطار والمياه الجوفية، وتستهلك السودان سنويا للشرب والصناعة وزراعة المساحات المتاحة وتربية الحيوان والدواجن، حوالى 40 مليار متر مكعب، وهى أكبر من مواردها السنوية.
وتمتلك السودان، حسب الدراسات الحكومية، حوالى 48% من الأراضى الزراعية فى الوطن العربى، حوالى 130 مليون هتكار، بما يعادل 300 مليون فدان، وامتلاكها حوالى 135 مليون رأس ماشية.
المملكة العربية السعودية تستثمر فى السودان بأكثر من 500 مشروع، منها 95 مشروعًا زراعيا بقيمة 11 مليار دولار، وقد سبق وبدأت دولة الأمارات مشروعاتها الزراعية فى السودان عام 2000، بمشروع زايد الخير فى ولاية الجزيرة، وتبلغ مساحته 40 ألف فدان، وزادت المساحة إلى 700 ألف فدان من أصل 1.2 مليون فدان ينتظر إقامة مشروعات زراعية وحيوانية عليها
حسب البيانات السودانية تستحوذ دول الخليج على أكثر من 2 مليون فدان من الأراضى الزراعية الموزعة فى ولايات: نهر النيل، والخرطوم، والجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض، وكردفان، وينتظر زيادة هذه المساحة خلال السنوات القادمة، حيث تقوم دول الخليج بزراعة بعض المحاصيل التى تحتاجها، وأخرى يتم تصديرها إلى أوربا، كما تقوم بتربية ألاف من رؤس الماشية لسد احتياجات شعوبها من اللحوم.
هذه المساحات الكبيرة بدون شك تحتاج إلى مليارات من المياه العذبة للرى ولتربية الماشية وللصناعات الغذائية، والطبيعى أن توفرها الحكومة من المياه التى تتدفق عليها من خلال دول المنبع، والمعروف أن حصة مصر من مياه النيل تقدر، حسب الاتفاقية الدولية، بحوالى 55.5 مليار متر مكعب، تصلها عبر السودان، وهو ما يعنى أن حصة مصر قد تتضرر من التوسع السودانى فى الزراعة وتربية الحيوان.
بالطبع نحن مع أن يعمل السودان الشقيق على تنمية اقتصاده لرفع مستوى معيشة أشقائنا هناك، ومع استصلاح جميع أراضيه الصالحة للزراعة، ومع إقامته للمشروعات الصناعية، ومع إقامته مزارع لتربية الماشية بجميع أنواعها، كما أننا مع قيام أشقائنا فى الخليج باستثمار أموالهم فى توفير احتياجات شعوبهم من الخضراوات والفاكهة والماشية وغيرها من المحاصيل الهامة، لكن السؤال: ماذا عن حصة مصر من المياه؟، ماذا لو توسعت الحكومة السودانية فى مشروعاتها الزراعية والحيوانية على حساب حصة مصر؟.
هذه القضية الشائكة يجب أن تلتفت إليها الحكومة المصرية، وعليها أن تعمل على إيجاد حل لها يضمن للأشقاء فى السودان حقهم فى تنمية مواردهم، وللأشقاء فى دول الخليج حق توفير احتياجات شعوبهم، وفى نفس الوقت يضمن هذا الحل وصول حصة مصر من المياه عبر السودان كاملة.