عباس الطرابيلى
الناصريون.. ومسلسل الأكاذيب !
هذا هو أسلوب الناصريين دائماً.. الحديث عن إنجازات وإيجابيات ثورة يوليو 1952.. ولكنهم لا يقتربون- أبداً- من سلبيات هذه الثورة. وأعترف بأن لهذه الثورة إيجابيات عديدة.. ولكن- كلهم- ينكرون أن لها سلبيات رهيبة كانت وراء تحويل مصر من أغنى دولة فى المنطقة إلى أفقر دولة فيها.. والسبب سوء إدارة الثورة للأمور.. والاهتمام بالإنفاق على الخارج.. أكثر من الإنفاق على الداخل. وربما كان هدفهم هنا هو البحث عن زعامة لقائدهم.. خارج مصر.
وكنت أتمنى من السيد سامى شرف - وهو يحمل الآن - لواء الدفاع عن الثورة وقائدها، أن يتحدث ولو مرة واحدة عن.. السلبيات.. كما هو يتحدث عن الإيجابيات.. ولكن ذلك هو طبعهم.. وللأسف كان من أهم أسباب تأميم الصحافة المصرية، ألا تجرؤ أى صحيفة على كشف أخطاء الثورة.. ولم تكفهم هنا الرقابة الصارمة على الصحافة.. ويكفى أننا استيقظنا ذات يوم فى يونيو 67 على أبشع جريمة وهزيمة تنزل بمصر.. وكيف صدمنا بأن مصر - كما قالت صحف يوليو 1952 - كانت تمتلك أقوى جيش فى المنطقة، فإذا به ينهار فى 6 ساعات، والسبب سوء قيادة هذا الجيش. وبعد أن كان «إعلام ناصر» يهيئ الشعب أننا على أبواب تل أبيب.. إذا بجيش إسرائيل يصل إلى شاطئ قناة السويس.. خلال 6 ساعات!!
وفى مقاله المنشور بجريدة «المصرى اليوم»، عدد الأحد الماضى، أخذ السيد سامى شرف يعدد إيجابيات قائده.. وسلبيات حزب الوفد مثلاً.. ويذكر الكثير من الأكاذيب، منها أن فؤاد سراج الدين كان يعلن دائماً أنه لا يعترف بالفترة من 23 يوليو 1952 وحتى 28 سبتمبر 1970، أى منذ قيام الثورة إلى رحيل قائدها.. وأنها بالنسبة له لا تحسب ولابد أن تحذف. وأعترف وقد كنت قريباً من فؤاد باشا لسنوات عديدة بأن فؤاد باشا لم يذكر ذلك مرة واحدة، بل كان الوفد هو حزب أصحاب «الجلاليب الزرقاء»، أى الفلاحين. ولو كره هؤلاء الوفد لما جاءوا به إلى الحكم فى كل انتخابات نزيهة.. وبأغلبية ساحقة اقتناعاً منهم بأنه خير من يمثلهم.
ويتحدث الكاتب عن شخص وصفه بأنه وكيل حزب الوفد.. وهو منصب لم يكن موجوداً طوال عمر الوفد منذ نشأ فى نوفمبر 1918 لأن الوفد نفسه كان هو وكيل الأمة.. وإذا قال الكاتب إن هذا الوكيل كان ملكياً يؤمن بأسرة محمد على الكبير فكيف فكر الوفد ومن أعلى قياداته «النحاس باشا» فى عزل الملك فاروق وإعلان الجمهورية؟! ثم يلوح بورقة اتهام مصطفى أمين بالتجسس.. وكلنا يعلم أنها قضية ملفقة تماماً بسبب غيرة صلاح نصر منه ومن معلوماته.. ومن أنه أنقذ الفنانتين شادية وفاتن حمامة من براثنه، حتى لا يجندهما رئيس المخابرات!!
ويحاول هدم سيرة أسرة أبوالفتح، التى كانت أول من تلقت طعنات الغدر من عبدالناصر، فتم إغلاق «المصرى» وأخذ يلوح بثروة الأسرة وكيف أن كبيرها امتلك أسهماً فى العديد من الشركات.. وساهم فى تأسيس بنك القاهرة.. فهل هذه تهمة!! حقيقة كان الكاتب يقصد الأستاذ محمود أبوالفتح ولكنه أخطأ فذكر «أحمد» أبوالفتح الذى فتح جريدته لضباط الثورة، حتى قبل ثورتهم.. ونسى أن محمود بك من الذين ساهموا فى القضية الوطنية عندما كان سكرتيراً ومترجماً للزعيم سعد زغلول، وأتعجب هل كان إنشاء أبوالفتح والتابعى وكريم ثابت جريدة المصرى - وهى أول صحيفة مصرية خالصة تنشأ - هل كان ذلك جريمة؟! وهو أول نقيب للصحفيين!
■■ والكاتب ينسى أن الوفد قام واستمر وأخلص للقضية الوطنية، كما لم يخلصوا هم وهى أول حكومة فى العالم تدعم الفدائيين وتسهل تسليحهم لضرب جيش الاحتلال.
■■ ويبدو أن الكاتب هنا - رغم قربه من زعيمه عبدالناصر - يحتاج إلى دروس فى التاريخ ليعرف دور الوفد التاريخى فى النضال ضد الإنجليز.. وأنه تحت حكم الوفد كانت مصر تمتلك أفضل تعليم وأول نظام للمحاسبة والرقابة حماية للمال العام، هو ديوان المحاسبة.
■■ ولكنهم - وهو فى مقدمتهم - يحتاجون إلى أن يدرسوا التاريخ الحقيقى لنضال الشعب.. حتى يعترفوا ولو لمرة واحدة أن أى شىء له سلبياته.. وإيجابياته.. ولكنهم لا يعلمون.