عندما تولي الأديب يوسف السباعي رئاسة تحرير جريدة الأهرام العريقة في سبعينيات القرن الماضي عقب تركه وزارة الثقافة كتب مقاله الأول بعنوان "اليوم تم ترقيتي من وزير إلي صحفي" ليكشف وقتها قيمة المهنة. وعمق تأثيرها. واتساع نفوذها. إلا أن تلك المقولة مر عليها سنوات طويلة. تصارعت فيها الأمواج علي صاحبة الجلالة. وهزت الرياح عرش ملكة الرأي العام. أصابها الضعف حينا وتمسكت بتاريخ عريق أملاً في النجاةأحياناً أخري. تخطت مراحل صعبة. وصارعت مراحل شديدة الصعوبة. إلا أنها بقيت في كل الأحوال عنواناً شديد البريق ومضموناً لا يمكن تجاهله. شمساً يحتاج الجميع نورها. ويترقبون تخطيها عثرتها انطلاقاً من قاعدة "قوة الصحافة قوة للوطن".
كل ذلك وغيره.. جعل التغييرات الصحفية الأخيرة التي أصدرتها الهيئة الوطنية للصحافة. تكتسب أهمية مضاعفة. وتحظي بترقب ومتابعة الكثيرين من أبناء المهنة والمهتمين بمستقبل الصحافة والوطن علي حد سواء. فالجميع يدركون أهمية الصحافة في رسم ملامح الوطن. والدفاع عن ثوابته وقيمه. وترسيخ هويته الثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية. وتأكيد أبعاد نظامه السياسي. ودعم حاضره ومستقبله. ومواجهة مشكلاته وعلاج أخطائه. يأتي ذلك في ظل ظروف شديدة الصعوبة تحيط بالوطن داخلياً وخارجياً. ومطبات تهدد استقرار المجتمع وتقدمه. و"نوات" تريد اقتلاع الدول الوطنية في الشرق الأوسط من جذورها. وإلقاءها علي قارعة طريق المخططات المسمومة والتوجيهات الخبيثة تصدر من هنا وهناك. والتي كان الشعب المصري ومازال لها بالمرصاد حيث أفسدها مرات عديدة ومازال يواجهها بكل قوة وحسم.. وكانت الصحافة دائماً حاضرة في كل ذلك ومازالت.. بل لعبت دور البطولة في المشهد شديد التعقيد في الكثير من الأحيان.. لذا علي القادة الجدد لملكة الرأي العام أن يدركوا أنهم يتولون المسئولية في ظروف بالغة التعقيد ويتحملون تركة ثقيلة. وأصبحوا أمام مسئولية كبيرة. لإنقاذ الصحافة من عثرتها. وعلاج المشكلات المتراكمة التي تواجه المهنة والصناعة معاً. بداية من الأزمات المالية. وزيادة تكاليف الطباعة. وتراجع معدلات التوزيع. وارتباك الرؤية الصحفية. واختفاء ما كان يعرف بالمدارس الصحفية التي كانت تتميز بها الصحف القومية علي اختلاف مؤسساتها. تلك المدارس المهنية التي منحت الصحف جماهيرية عالية. علاوة علي إعادة أبناء المهنة إلي مسرح العمل الصحفي خاصة أن الكثير منهم انشغل خلال السنوات الأخيرة باهتمامات أخري!