صلاح عطية
قطر.. وعاقبة اللعب علي كل الحبال
لا يوجد لاعب يجيد اللعب علي الحبال إلا وكانت له في النهاية سقطة.. وقد تكون القاتلة.. وقطر وهي تمارس اللعب عل كل الحبال في وقت واحد تظن أنها ستنجو من هذا المصير..
ومنذ 5 يونيو ..2017 وحتي اليوم.. نحو 51 يوما.. وقطر تمارس هذه اللعبة الخطرة.. ويطوف وزير خارجيتها العالم كله.. مغالطاً.. ومتبجحاً.. متخفياً في رداء الحمل الوديع.. ومستخدماً كلمات ذئب يكشر عن أنياب مهترئة.. وهو يصطنع نبرة المظلوم المضطهد.. الشاكي من ظلم الدول الأربع لقطر وشعبها.. والمتجاهل تماماً ما فعلته قطر بتآمرها واحتضانها وتمويلها للإرهاب.. ولدماء ضحايا الإرهاب التي تلوث أيدي حكامها.
وتمضي قطر بنفس الأسلوب.. وهي تدول قضيتها.. وتطرحها علي العالم كله.. نافية عن نفسها تهمة أوضح من أن تخفي علي أحد.. فهي تحمي وتستضيف الإرهابيين وقادتهم.. وتدربهم وتمولهم وتتبني مواقفهم.. وتدعمهم إعلامياً.. وتسبقهم في إعلان خططهم وكاميراتها معهم عند تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
ثم يأتي أميرهم ليتحدث.. وكان المظنون أنه سيجنح إلي السلم.. ويختار طريق المصالحة.. فاذا به يستكبر.. ويواصل التبجح.. ويعلن الاستمرار في نفس الطريق.. ويخذل الذين تطوعوا للوساطة.. والذين أدركوا أن عليه يلتزم بما سبق ووقع عليه.. ولكن إلي متي..؟ وما الذي تعتمد عليه قطر لتواصل نفس النهج؟
قطر تعتمد في المقام الأول علي استثماراتها المالية الهائلة في الدول المؤثرة في أوروبا وأمريكا.. وتعتمد علي مهمتها كعميل ينفذ سياسة ترتبط بمصالح هذه الدول.. وتظن أن هذه الدول لن تتخلي عن عملائها بسهولة.. وانها حتي وإن تخلت مؤقتاً.. فهي تحتفظ بهم في جعبتها تستخرجهم عند اللزوم.. ولذلك سعت إلي تدويل الأزمة.. وإخراجها من إطارها العربي.. لتستقوي بهذه الدول.. ولذلك أيضاً رأينا النظرة السائدة مع الموقف السلبي لهذه الدول.. "حلوا مشاكلكم معاً"..
وكان أكثر المواقف ميوعة الموقف الأمريكي.. الذي قد يبدو في هيئة توزيع أدوار.. بين الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته.. أو قد يبدو أن الرئيس لا يملك تنفيذ ما يراه.. وأن وزير الخارجية يعبر أكثر من الرئيس عن الدولة العميقة في أمريكا..
ومع الموقف الأوروبي الذي يسلك نفس المسلك الأمريكي تقريباً.. تدرك تأثير المصالح الاستثمارية القطرية في أوروبا.. حيث الاستثمارات القطرية في كل من هذه الدول بعشرات المليارات من الدولارات.. مع وعود بعشرات أخري..
وواضح ان قطر لم تكن تعمل لحسابها فقط.. وبغض النظر عن عقدة المساحة والصغر المتناهي علي خريطة العالم.. والرغبة في الاستحواذ علي دور ما علي الساحة العالمية.. فان ما كان تقوم به قطر. كان يحقق مصلحة أمريكية وإسرائيلية وأوروبية.. وإذا اختلفت الأوضاع لبعض الوقت.. وتطلب الأمر ايقاف دور ما أو تعطيله أو تأجيله.. فان أصحاب المصلحة يحافظون علي عملائهم.. ويدخرون أدوارهم للمستقبل.. وقطر ورقة استخدمت حين دعت الحاجة إليها.. وهي مدخرة للمستقبل.. فلماذا التضحية بها؟..
وقد تبدو الصورة المفككة متعارضة.. ولكن إعادة تجميعها في عدة صور ثم ضمها معا في صورة واحدة.. يكمل الصورة ويظهر علي الفور لمن. ومع من تلعب قطر.. وسوف تستمر في اللعب.. فقطر تتحالف مع إيران ومع أمريكا.. والاثنان متنافران ومتضادان.. وتتحالف مع إيران التي تتحالف مع روسيا.. وروسيا تتنافر مع أمريكا.. وقطر تتحالف مع إيران التي تختلف ظاهرياً مع أمريكا وإسرائيل.. وتتحالف مع تركيا التي قد تختلف وتتنافس مع إيران.. ولكنها تتحالف مع روسيا.. ومع أمريكا وتتوافق مع إسرائيل.. وهكذا كل معاً في أقسام عديدة من الصورة.. أو مجموعة الصور التي تضمها صورة واحدة ودائرة واحدة.. تحقق تبادل وتقاطع وتكامل المصالح.. ويعني في النهاية أن لقطر دوراً في كل هذا.. والكل حريص علي هذا الدور.. ولذلك تستمر قطر في اللعب.. حتي وإن اختلفت طريقة اللعب.. ولكنه مستمر بشكل أو بآخر وعلي جميع الحبال.. وفي وقت واحد.. ولكن من يضمن ألا يستمر اللاعب دون أن يسقط في النهاية..
وبعد هذا.. هل يمكن أن نتفاءل.. ونقول إن اللاعب قد يسقط في أي لحظة؟.. لا يمكن ان نقول انتهي دور التمويل.. ولا يمكن ان نتفاءل ونقول انتهي دور الدولة الحاضنة للإرهاب والإرهابيين.. ولا يمكن أن نتفاءل ونقول عزلت قطر.. وإلا فأين دور الشريكة في كل خططها.. أين الدور التركي.. الذي يحمي الإرهاب والإرهابيين ويشارك ويتكامل معها؟.. هل تكتمل المعركة مع قطر بفتح جبهة أخري مع تركيا؟.. لا أحد يمكن أن يقول بإمكانية هذا.. مع هذه الشبكة المعقدة من المصالح المتضاربة والمتعارضة أحياناً والمتوافقة أحياناً.. ولكن القول ممكن باستمرارية الصراع.. وربما دخوله منحنيات ومنعطفات جديدة.. يصعب التنبؤ بها.. ويصعب أيضاً تحديد نتائجها.. ولكن في كل الأحوال ستدفع قطر الكثير ثمناً للحصار.. وثمناً لما تسميه الصمود.. وفي النهاية علينا أن نتوقع سقوط اللاعب فجأة من فوق احد الحبال.. هذه نهاية نتوقعها.. ولكن متي؟!