الأهرام
محمد مصطفى حافظ
" الخلود" لمحمد نجيب ٢٠١٧
بعد طول النسيان لأول رئيس لمصر الراحل اللواء أركان حرب محمد نجيب من يونيو ١٩٥٣ حتي ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ بعد إنهاء الملكية عقب " ثورة ٢٣ يوليو" ١٩٥٢ والتي قادها الضباط الأحرار من الجيش ضد الحكم الملكي وأنتهت بعزل الملك لفاروق ورحيله عن مصر والتي حلت ذاكراها ال ٦٥ الأحد الماضي ليعود للذاكرة الوطنية منذ إعفاءه من منصبه ووضعه قيد الإقامة الجبرية في فيلا بالمرج أثر خلاف مع مجلس قيادة الثورة حول شكل الحكم والأداء السياسي داخل الدولة بعد نجاح الثورة ومطالبته بممارسة الديمقراطية ، ومن حينها لقب "الرئيس المنسي".
لقد حمل إطلاق أسم محمد نجيب علي أضخم قاعدة عسكرية برية في الشرق الأوسط وأفريقيا بمدينة الحمام العسكرية غرب الإسكندرية ، وقول الرئيس السيسي عند إفتتاحها السبت الماضي أنها تحمل أسم " الرئيس الراحل محمد نجيب تكريماً لإسهامه الوطني وبرهانا علي وفاء مصر " رسائل ودلالات أولها أن شعب مصر لا ينسي رجالاته رغم ظلم سطور التاريخ أحيانا مغازلة لسطوة سلطة رغم ما قدمه الرجل من تضحية وسببا لنجاح الثورة الكاسح شعبيا فوقتها كان يحمل رتبة لواء منذ ديسمبر ١٩٥٠ ثم مديراً لسلاح المشاة ، وأنتخب نجيب رئيساً لمجلس إدارة نادى الضباط فى ١ يناير ١٩٥٢ بأغلبية الأصوات وأمر الملك فاروق بحل المجلس، إلا أنه إختاره الضباط الأحرار قائدا لثورة ٢٣ يوليو وشكل أول وزارة بعد أستقالة على ماهر باشا عام ١٩٥٢، وتولى رئاسة الجمهورية عام ١٩٥٣ ، إلى أن أقيل من جميع مناصبه فى ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ وكانت الخلافات قد تزايدت بين نجيب والضباط الأحرار فقدم أستقالته فى فبراير ١٩٥٤ وأصدر مجلس القيادة بيانا بإقالته واندلعت المظاهرات المؤيدة له،
وتداركا للموقف أصدر مجلس القيادة بيانا فى ٢٧ فبراير ١٩٥٤ أعلن فيه عودته رئيساً للجمهورية إلى أن وقعت أزمة " مارس " التى كانت أكثر عمقا وانتهت لصالح الضباط وإعفائه من منصبه وحددت إقامته لأكثر من ٢٥ عاماً فى فيلا زينب الوكيل " زوجة النحاس باشا" بالمرج إلى أن أطلق السادات سراحه عام ١٩٧٤، وفى أبريل ١٩٨٣ أمر مبارك بتخصيص مسكن له بمنطقة قصر القبة إلى أن توفى فى مثل هذا اليوم ٢٨ أغسطس ١٩٨٤ بمستشفى المعادى العسكرى وشيع جثمانه فى جنازة عسكرية مهيبة تقدمها مبارك، وحتي يكون الإنصاف التاريخي أنه لولاه لربما فشلت الثورة نظراً لسعادة جميع أفراد الجيش به سواء لشجاعته ودماثة أخلاقه وشجاعته في حرب فلسطين ونجاحه الكاسح بانتخابات نادي الضباط رغما عن القصر ورتبه حيث كان أكبر رتبة في الضباط الأحرار برتبة بكباشي ، غير تحمله المسئولية ففي حالة فشل الثورة كان أول من سيتم إعدامه رميا بالرصاص.

والدلالة الثانية من إطلاق إسمه علي أكبر قاعدة عسكرية تكريمه وتخليده بعد سنوات من شطب ذكره من الوثائق الرسمية والسجلات والكتب والأفلام والصحف كأول رئيس لمصر لنحو ما يزيد عن ثلاثين سنة وسنوات من التشويه والتهميش المتعمد ، وحتي أطلق الرئيس السادات في السبيعنيات سراحه من الإقامة الجبرية ثم في التسعينات ١٩٨١ بإطلاق إسمه علي محطة المترو وفي ١٩٨٣ أمر مبارك بتخصيص فيلا له بحي القبة قبل وفاته ١٩٨٤ عن عمر يناهز ٨٣ عاماً وتقدم جنازته العسكرية ثم إطلقت مكتبة الإسكندرية موقعا إلكترونيا رسمياً له في ٢٠١٣ وصفه بأنه " الرئيس المنسي " ضم صوراً وخطبا نادرة له وعرضا لتاريخه بمناسبة الذكري ال ٦١ لثورة ١٩٥٢ ،ثم منح الرئيس محمد نجيب الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور "قلادة النيل " وهو أعلي وسام بالبلاد.

وأهم الرسائل ظهور مصر القوية واضحاً وجعل كل مصري يشعر بالفخر والعظمة لرؤيته قاعدة محمد نجيب التي تستوعب فوج نقل دبابات تسع ٤٥١ ناقلة حديثة بخلاف ٧٢ ميدان تدريبي و١١٥٥ منشأة حيوية، وكما تعرف هذه القاعدة في المفهوم العسكري والإستراتيجي بمدينة عسكرية متكاملة إي أن مصر أصبحت دولة مصنفة ذات تعتمد القواعد العسكرية كإستراتيجية جديدة للتطوير العسكري وتملك امتيازات من توفير الدعم اللوجيستي من قوات ومعدات تجعل قواتنا المسلحة علي أعلي قدر من الجاهزية للوصول إلي إي مكان وصد إي هجوم وإستهداف إي خطر لا يهدد الأمن القومي المصري فقط وإنما كما أكد الرئيس لمحيطها العربي والإقليمي ، خاصة في حضور عربي رفيع المستوي من ولي عهد أبو ظبي والبحرين وحاكم منطقة مكة ووزير الدفاع الكويتي والمشير حفتر ورئيس الأركان الموريتاني .

كذلك ترتبط قاعدة نجيب ببعد إستراتيجي غاية في الأهمية لمكانها مع وجود مشروع الضبعة النووية ومدينة العلمين الجديدة ، والأهم ما بثته من رسائل دعم ومساندة للمنطقة الغربية وقاعدة براني العسكرية في تأمين حدودنا الغربية ، و طمأنة للمصريين وشعور بالفخر أننا نسير في طريق التنمية المتكاملة وحماية حدود الوطن ومواجهة الإرهاب الأسود بلا هوادة وتخفيف منابع تمويله نمضي أيضا في طريق الحق والسلام والبناء.. لقد جاء تدشين قاعدة محمد نجيب ليس تخليداً لذكري رئيس ورد إعتبار له ولأهله فقط ، وإنما عمقت سعادة الشعب المصري بكل فئاته ورسخت يقينهم بجاهزية وقوة خير أجناد الأرض فمصر أكبر من أفعال الأقزام وهي قائدة الأمة العربية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف