تفجّرت يوم الجمعة الفائت، بوادر انتفاضة غضب فلسطينى جديدة، سقط فيها شهداء وجرحى جدد، فى مواجهة إصرار قوات الاحتلال الإسرائيلى، على فرض السيطرة على المسجد الأقصى، وإجبار المصلين العُزّل على المرور من بوابات أمنيّة، تخضعهم للشعور بالمهانة، والتحقير، والإذلال، والدونية، حتى وهم بين يدى الله!
وإزاء فضيحة الصمت العالمى والعربى، الرسمى والشعبى، على هذه الجرائم النكراء، التى يرتكبها العدو الصهيونى بحق الشعب الفلسطينى الصامد على أرضه، لفت نظرى، هذه المداخلة البديعة، والتى تداولتها مواقع التواصل الاجتماعى مُترجمةً، وقدّمها سفير أيرلندا لدى الأمم المتحدة، ردًا على مزاعم وأراجيف السفير الإسرائيلى، فى تبرير وقائع إرهاب دولة العصابات، وإجرامهم فى حق شعب فلسطين البطل.
يقول السفير الأيرلندى، الذى سبق وعاين بنفسه ما يفعله الإسرائيليون بالشعب الفلسطينى، مخاطبًا نظيره الصهيونى:
«أيها السفير: سأقولها بصراحة: أنا من هؤلاء الذين يعتقدون بوجوب طردك من هذا البلد، وهذا لا علاقة له بك شخصيًا، لكن هذا له علاقة بسياسات بلدك! وإلى جانب «القس» «ديزموند توتو»، أقول: إن الوقت لمعاملتكم كدولة طبيعية قد انتهى، لأنكم لا تتصرفون كدولة طبيعية!
وأود أن أطرح بعض الأسئلة المتعلقة بمزاعمك، وأن أوضح أن ما سأقوله ليس مدفوعًا بمعاداة السامية، لأنى معارض للعنصرية، ولذلك أعارض ما تقوم به دولتك!
لقد حاولتَ «أنتَ» التغطية على ما قمتم بفعله، من قتل للأبرياء فى غزة، والاستيلاء على الأراضى الفلسطينية، والمواطن الفلسطينى البسيط انتفض، لأنكم منعتم عنه الحقوق الأساسية!
لقد عشتُ أنا هناك، وكان نظامًا للفصل العنصرى، وكانت العنصرية نتنة، وكالمرض المستفحل، وصُدمت بشدة، خلال الفترة التى قضيتها، حين رأيت كيف يُعاملون شعب فلسطين!
وفى الحقيقة: أليس «قانون العودة»، وهو قانون أساسى فى الدولة الإسرائيلية، هو أيضًا قانون عنصرى، «أبارتايد»، لأنه يمنح لليهود حقوقًا يمنعها عن الفلسطينيين!
هو يسمح لى، على سبيل المثال، لو كنت يهوديًا، ولم تطأ قدمىَّ أرض «إسرائيل»، أن أطالب بجنسيتها غدًا، لكن ستة ملايين من البشر، «الفلسطينيين»، تعود أصولهم لما تسميه «إسرائيل»، والذين تم تهجيرهم فى عامى ١٩٤٧، ١٩٤٨، لا يملكون هذا الحق!
أليس هذا سببًا لكون الفلسطينيين فى حالة صراع مع الإسرائيليين، لأنكم منعتموهم من العودة إلى بيوتهم، وأرضهم، وقراهم؟!
لماذا تُنكرون حقهم فى العودة، بينما تعطونه لأناسٍ آخرين لا يملكون أى صلة مطلقًا بتلك الأرض، سواء أسميتها «إسرائيل» أو «فلسطين»؟!
لماذا تستمرون فى الاستيلاء على أرض تم إقرارها كأرض فلسطينية، بموجب اتفاقية «أوسلو»، وحل الدولتين»؟! فمنذ هذه الاتفاقية قام ٥٠٠ ألف شخص «يهودى» بالاستيطان هناك، وقد سمحتم بحدوث ذلك! فلماذا سمحتم بذلك إذا كنتم جادين فى منح هذه الأرض للفلسطينيين، «كما تزعمون»؟ لا تعاملنا كالأغبياء أيها السفير!
ليس باستطاعتك أن تقول، بكل برود: «إننا جادون بشأن السلام، لكننا، وأثناء سعينا لتحقيق السلام، سنستولى على أرض الفلسطينيين»، وتتوقع منهم أن يجلسوا ساكنين دون أن يفعلوا شيئًا إزاء ذلك!
إن ما يطالب به الفلسطينيون، هو أقل مما قد يطالب به آخرون، لأننى أؤمن بأن كل هذا النظام العنصرى ينبغى تفكيكه!
إن أشخاصًا مثل الأسقف «توتو»، و«نيلسون مانديلا»، وأنا نصف دولتك بـ«دولة الفصل العنصرى».. نعم أنتم تمارسون ذلك، تمارسونه فى نقاط التفتيش، وقواتكم، وحواجزكم، وجدار الفصل العنصرى لديكم»!
هذا باختصار مضمون الكلمة البليغة القوية لسفير أيرلندا فى مواجهة السفير الصهيونى بالأمم المتحدة، فهل يملك سفير عربى واحد الجرأة على قول مثل هذا الكلام؟!