التحرير
عمرو حسنى
برمائيات
الارتفاع المفزع فى أسعار الأسماك البحرية غير المستزرعة، وصل ببعض أنواعها إلى ما يزيد على مئتى جنيه للكيلو جرام الواحد، ولا تحدثنى من فضلك عن جمبرى البحر الأحمر الذى قفز سعر الكيلو جرام الأحجام الكبيرة منه إلى ستمئة جنيه بالتمام والكمال! ولسه حتشوفوا مصر بالصاد المرققة! أقول إن ذلك الجنون المطبق فى بلد تمتد سواحله المطلة على بحرين إلى آلاف الأميال، وبه بحيرات كبيرة مفتوحة ومغلقة، ويتوسطه نهر من أكبر أنهار الدنيا، دفعنى لكى أفكر بأسى فى الطريق الذى قطعه التطور البائس للإنسان المنتصب القامة المدعو هوموريكتس على سطح كوكب الأرض، فدار فى عقلى ذلك المونولوج: الحياة خرجت من البحر، كما يقول علماء البيولوجيا، ويدللون على ذلك بعشرات الحقائق العلمية، ومنها أن تنوع الحياة البحرية، فقارية ولا فقارية، يفوق تنوع الحياة البرية بعشرات المرات، هذا إذا ما استثنينا الحشرات بالطبع باعتبارها مرتبة أدنى فى تطور الكائنات الحية. كذلك امتلاك بعض البرمائيات إلى صفات بحرية أصيلة تدفعها إلى اقتسام وقتها بين الماء واليابسة. ليس لشجاعة منها فى اقتحام المجهول، أو لرغبة فى الحصول على طعام تدفعها إلى الاستهانة بالخطر، بقدر ما هو تعبير عن قدرات بيولوجية أصيلة تمتلكها تؤكد ولعها الشديد بالبحر الذى خرجت منه قديما. ربما تتعجب عندما تعلم أن مهارة السباحة تأتى فى المرتبة الثانية لقدرات البرمائيات، وأن أهم قدراتها على الإطلاق هى مهارة الغوص، وهى مهارة لا تتمثل فقط فى السباحة تحت الماء، ولكن تكمن أهميتها القصوى فى تفاوت قدرة البرمائيات ذوات الرئتين على الغوص لوقت أطول. تلك القدرة النوعية المعقدة لا علاقة لها على الإطلاق بقدرة كائن غلبان كالإنسان على كتم أنفاسه واحتجاز أكبر حجم من الهواء فى رئتيه لأطول فترة ممكنة. لكنها فى حقيقة الأمر تتمثل فى قدرة هيموجلوبين دماء البرمائيات على الاحتفاظ بمركب كيميائى قابل للانحلال يسمى أوكسى هيموجلوبين، أى الهيموجلوبين المؤكسج الذى تحمل كل كرة منه ذرات الأكسجين التى تتعلق بها، ويمكن لها أن تتركها عندما تحتاج إليها خلايا الجسد للقيام بعملية الاحتراق. الإنسان يملك هيموجلوبينا بدائيا فى قدرته على الأكسجة قياسا إلى كل البرمائيات التى يمكن لبعضها البقاء تحت الماء لساعات دون حاجة إلى الصعود لاستنشاق الهواء. تخيل معى الآن لو توصل العلماء فى المستقبل -وعندى يقين أنهم سيفعلون- إلى تطوير دماء الإنسان جينيا ومنح الهيموجلوبين البشرى تلك القدرة الهائلة، وقتها يصبح الإنسان برمائيا بحق وربما يمكنه الهبوط إلى الماء بلا خوف لاصطياد ما يحتاج إليه من أسماك دون حاجة إلى شرائها من الأسواق التى ستغلق لعدم إقبال البرمائيات البشرية عليها.. يلا عقبال ما كل واحد منا يزرع ما يأكله وينسج ما يلبسه ولا الحوجة لحكومات عاجزة لا تفكر إلا فى سرقة مواطنيها.

تخريفة صيفية لعلها تعجبكم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف