ما زلت أتحدث عن الخطيئة الكبرى التى ارتكبتها الحقبة الناصرية بإلغاء الأحزاب السياسية، رغم أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قبل وفاته كان قد اعترف بهزيمة فترة حكمه سياسياً بسبب إلغاء الأحزاب، وبقاء الحزب الواحد والفكر الواحد، وقلت إن الرئيس الراحل أنور السادات قد بدأ يدرك خطيئة حل الأحزاب، وقرر إنشاء المنابر وأحزاب اليمين والوسط واليسار وحتى جاء الرئيس الأسبق حسنى مبارك، واتخذ من الأحزاب ديكوراً لتزيين حكمه، وليقول للعالم إن فى مصر حرية وديمقراطية، فالخارج عندما يعرف أن هناك أحزاباً فى بلد ما، يعنى أن هناك تداولاً للسلطة، مما يعنى الديمقراطية.. ولقد خدع «مبارك» نفسه والمصريين بوجود الأحزاب عندما لم يعترف نظامه إلا بالحزب الواحد والفكر الواحد، ولا فرق بين الحزب الوطنى المنحل، والاتحاد الاشتراكى أو التنظيم الطليعى فى زمن الرئيس جمال عبدالناصر.
الأبشع هو أن تنظيم الحزب الوطنى كان قد تجرأ وارتكب من الفساد الكثير والكثير، ووصل به الأمر الى عدم الاهتمام بأى رأى آخر.. ومنذ هذا التاريخ. أعنى تولى مبارك الحكم، وحتى قبيل ثورة 25 يناير 2011، والحزب الوطنى يرتكب من الجرائم فى حق المصريين الكثير والكثير، وكلنا يذكر أن زبانية الحزب الوطنى، كانوا يضعون قوائم بأعضاء مجلس الشعب قبل إجراء الانتخابات.
وحتى جاءت ثو رة يناير وبعدها ثورة 30 يونية. ليكون للأحزاب دور وشأن آخر بخلاف ما كان يحدث فى زمن عبدالناصر والسادات ومبارك ومرسى، فهؤلاء جميعاً لم يؤمنوا بفكرة الأحزاب إلا لتزيين حكمهم، هؤلاء الرؤساء لم يكن فى حساباتهم أى تداول للسلطة.
فى دستور مصر العظيم الذى يعد من أعظم الدساتير الموضوعة فى العصر الحديث، لا يوجد أى اعتراف بنظام حكم الفرد المطلق، ولا يوجد أى تفكير لاحتكار السلطة من جانب أى أحد.
مما سبق يتضح أن نكسة الأحزاب الحقيقية بدأت مع ثورة 23 يوليو 1952 عندما تم القضاء على الأحزاب تحت دعاوى واهية، بهدف الاستحواذ على الحكم.