الجمهورية
بسيونى الحلوانى
متي يشعر أثرياء مصر بالغيرة من هؤلاء؟!
كلما قرأت قصص العطاء الإنساني المتواصل للأثرياء ورجال الأعمال في العالم وفي مقدمتهم أغني أغنياء الكرة الأرضية الأمريكي "بل جيتس" الذي ترك امبراطوريته الكبري"ميكروسوفت" ليتفرغ مع زوجته للعمل الخيري والإنساني من ماله الخاص وأموال داعمين آخرين.. تحسرت علي بخل كثير من أغنياء مصر الذين انشغلوا بجمع المزيد من المال والبحث عن مصادر لتضخيم الثروات والممتلكات دون أن يقوموا بما يفرضه عليهم دينهم من واجبات تجاه الفقراء وأصحاب الحاجات.. وما أكثرهم في مصر.
قد يقول قائل: لماذا تلوم الأثرياء وتترك الدولة المسئولة عن رعاية الفقراء وكفالتهم وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم؟
ولهؤلاء من هواة خلط الأوراق أقول: دعم ورعاية الفقراء في كل دول العالم ليس مسئولية الدولة وحدها. بل هو واجب الأغنياء أيضا.. والدولة تقدم مساعدات للفقراء بما يتناسب مع ظروفها الاقتصادية. ويكفي أن معاش "تكافل وكرامة" يشمل حاليا أكثر من ثمانية ملايين مواطن تضمهم نحو مليون و700 ألف أسرة في مختلف محافظات مصر وهناك صور أخري لدعم الدولة ممثلة في مخصصات معاشية أخري ومخصصات تموينية تنفق عليها مليارات.
*****
الفقر مشكلة عالمية وفي كل دول العالم- غنيها وفقيرها - فقراء يحتاجون فعلا الي المساعدة.. وفي مصر فقراء يحتاجون الي دعم الدولة ودعم أهل الخير.. وهنا نتساءل: أين دور أثرياء مصر من رجال الأعمال وكبار الفنانين ولاعبي كرة القدم وغيرهم ممن يحصدون الملايين وربما المليارات سنويا في دعم الفقراء وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم؟
ولماذا يبخل أثرياء مصر ببعض ما أنعم الله عليهم به وكله من خيرات هذا الوطن وعرق وكفاح شعبه. فنراهم ينفقون ببذخ وسفه علي حياتهم الخاصة وسهراتهم ورحلاتهم الترفيهية في الداخل والخارج دون أن يقدموا عطاء إنسانيا وخيرا واضحا للفقراء؟
ولماذا لا يشعر أغنياؤنا بالغيرة من أقرانهم في العالم الذين يخصصون أجزاء كبيرة من ثرواتهم لدعم ورعاية الفقراء والمرضي وأصحاب الحاجات؟
*****
كل عام نقرأ قائمة طويلة بأثرياء مصر وحجم ما يمتلكون من أموال وشركات ومشروعات تنشرها مجلة"فوربس" المعنية بشئون المال ورجال الأعمال.. وما خفي عن هذه المجلة هو الأكثر والأضخم. فمصر ليس بلدا فقيرا وما يملكه قلة من أغنيائها يفوق ما يمتلكه الأثرياء في دول تتمتع بوضع اقتصادي أفضل كثيرا من مصر. ومع ذلك نشعر بالصدمة عندما نحاول التعرف علي حجم العطاء الخيري والإنساني لأثريائنا.
من العار علي هؤلاء الأغنياء أن يتركوا سيدة مسنة خلف القضبان بسبب دين لا يتجاوز ثلاثة الآف جنيه.. ومن العار أن يترك أصحاب شركات العقارات الكبري التي تحصد أرباحا بالمليارات سنويا أسرة فتاة متفوقة مثل مريم فتح الباب تقيم في غرفة في جراج عمارة مع أب وأم وخمسة أشقاء.. ومن المؤسف أن ينشغل مطرب شاب بجمع السيارات الفاخرة في العالم داخل فيلته الخاصة ويترك الآف الفقراء علي بعد خطوات منه وهم يفتقدون ثمن وجبات طعامهم اليومي!!
نعم.. نحن بلد يعاني من مشكلات اقتصادية مزمنة تنعكس علي محدودي الدخل ويترتب علي وضعنا الاقتصادي الصعب مشكلات اجتماعية كثيرة لبعض الفئات.. لكن لدينا عددا كبيرا من المليارديرات الذين يتزايدون وتنمو ثرواتهم كل عام ربما بشكل يفوق تنامي ثروات أقرانهم في مجتمعات أخري تعيش أوضاعا اقتصادية أفضل.. وهؤلاء يجب أن يقوموا بواجبهم لمساعدة الدولة في توفير مقومات الحياة الكريمة للفقراء.. ليس بالدعم المادي أو العيني فقط ولكن بتوفير فرص العمل للعاطلين من أبناء الفقراء حتي يتحولوا من مستهلكين الي منتجين.
*****
لقد كفل الإسلام حياة كريمة لكل أصحاب الحاجات بما فرضه علي الأغنياء من زكوات وما حثهم عليه من صدقات تطوعية ووقف خيري.. لكن نشعر بالأسف والخجل عندما نجد أثرياء لا يدينون بالإسلام ولا توجد في عقائدهم فرائض مالية يقدمون عطاء إنسانيا مبهرا يفوق كثيرا هؤلاء الذين يخاطبهم الحق سبحانه وتعالي بقوله:" وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم".
يجب أن يراجع أثرياؤنا مواقفهم وأن يتوبوا عن رذيلة البخل علي الفقراء أو المتاجرة بالأعمال الإنسانية وعليهم أن يعلموا أن الله يكافيء علي العطاء الذي تصاحبه نية صادقة وليس دعاية كاذبة.
لا ينبغي أن يمن علينا الأثرياء ورجال الأعمال الذين نهبوا خيرات هذا الوطن وحصلوا في عصور سابقة علي مساحات شاسعة من الأراضي ومعها بعض شركات القطاع العام بالضرائب التي يدفعونها لخزينة الدولة.. فما يقدمون من ضرائب لا يتناسب أبدا مع حجم أموالهم ومكاسبهم السنوية حيث تظل مصر هي الأكثر ربحا للتجار والمستثمرين ورجال الأعمال والأقل تحصيلا للضرائب!!
منذ أيام قرأت تقريرا عن تجاهل كثير من الأثرياء ورجال الأعمال للصناديق الخيرية التي ترعي الفقراء مثل صندوق "تحيا مصر" و"بيت الزكاة المصري" الذي يشرف عليه شيخ الأزهر.. والأرقام تؤكد أن حجم ما يقدمه الأثرياء ورجال الأعمال من مساهمات في الصندوقين علي سبيل المثال يدعو للأسف ويجلب لهم العار.
أتمني أن يراجع أثرياؤنا الكرام مواقفهم ويتوبوا عن رذيلة البخل علي الفقراء وأن يقدموا ما ينفعهم في يوم لا يفيد فيه مال ولا يشفع فيه ثراء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف