الوفد
طلعت المغاورى
القنبلة السكانية
<< عندما تتحول جهود التنمية إلى هباء منثور وحرث فى الماء فلابد أن نشعر بالصدمة.. فزرعنا لا يكفى أكلنا وصناعتنا لا تكفى احتياجاتنا..واستيرادنا أكثر بكثير من تصديرنا.. أصبحنا دولة تستمرئ الشحاتة والتسول من كل صوب وحدب.. من أخواتنا العرب، خاصة أهل الخليج، ومن أوروبا وأمريكا واليابان والصين، مصر التى كانت تنشر الخير والنماء فى العالم أصبحت تمد يدها لتستقبل المنح والمعونات، فهل نرضى هذا على كرامتنا؟ مصر مدت يد العون إلى الأخوة العرب فى الكويت والسعودية والإمارات والبحرين ومان وقطر سنوات طويلة قبل العصر البترولى.. ولكن كيف أصبحوا وكيف أصبحنا الآن؟! أين هم وأين نحن؟! لماذا تقدموا وتراجعنا بعد أن كنا منارة لكل الدول العربية فى المشرق والمغرب؟ المدرس والطبيب والمهندس والعامل المصرى كم لهم من أيادٍ بيضاء على هذه الأوطان الغالية.. نعم أدينا الواجب الوطنى نحو فلسطين العربية وخضنا 4 حروب منذ 1948 حتى أكتوبر 1973 مروراً بحرب 56 ونكسة 67.. هذه الحروب أثرت على جهود التنمية، ولكن رغم كل هذا قدمت مصر للعرب عصارة فكرها وعقولها لبناء الصروح العظيمة فى دول الخليج مدنى وطرق ومصانع ومزارع وجامعات.. وفى نفس الوقت تخلفنا كثيراً فتراجعت جهود التنمية وأصبح التعليم متخلفاً والصحة فى الحضيض وانتشرت العشوائيات بما تحمل من موبقات وأمراض اجتماعية.. فهل نظل على هذا الحال أم نستفيق قبل فوات الأوان؟
< الانفجار السكانى كارثة بكل المقاييس خاصة حين تنخفض معدلات النمو الاقتصادى بسبب سوء إدارة الحكومات المتعاقبة لموارد البلاد وعدم وجود رؤية مستقبلية لما ستكون عليه البلاد.. ماذا ننتظر من نتائج حين تكون معدلات النمو السكانى أعلى بكثير من النمو الاقتصادى؟ النتيجة مشكلات لا حصر لها اقتصادية واجتماعية على مستوى الفرد والجماعة.. عندما يتزايد عدد السكان على 19 مليون نسمة فى بداية الخمسينيات إلى نحو 100 مليون الآن مع شبه ثبات فى الموارد الاقتصادية فهذه كارثة كبرى.. الأرض الزراعية زادت من 5٫5 مليون فدان إلى نحو 8٫5 مليون فدان، الآن.. فهل هذا يكفى لإطعام هذه الأعداد المهولة من السكان؟ لسنا الهند ولا الصين التى تتمتع بموارد اقتصادية ومساحات شاسعة، ورغم ذلك تدخلت الدولة لتحديد عدد أفراد كل أسرة.. الصين حددت حداً أقصي للأبناء بفردين فقط وما يزيد على ذلك فليس له تعليم أو تموين وأى خدمات حكومية أخرى.. لجأت الحكومة الصينية إلى تعقيم الرجال وحرمانهم من الإنجاب بقية حياتهم، وهناك حكومات أخرى قامت بعملية الربط المؤقت من خلال عملية جراحية يمكن إعادة المواطن للإنجاب بعد فترة معينة.. أما أن تترك الحكومة الحبل على الغارب لمن يريد أن ينجب فهذا يلحق أشد الضرر بالوطن والمواطن.
< لابد من إجراءات حكومية محددة لتحديد النسل بثلاثة أفراد لكل زوجين على الأكثر، طفلان أو ثلاثة يكفى لهم حق التعليم والرعاية الصحية والعلاج والسكن والمأكل والملبس وكل حقوق الإنسان المادية والمعنوية.. أما أن ينجب أضعافاً مضاعفة لهذا العدد ويطالب الدولة بالمأكل والملبس والعلاج والتعليم ويشكو من الفاقة وضيق الرزق ونصب غضبنا على الحكومة العاجزة والحائرة فى إدارة شئون البلاد والعباد.. من حق الدولة والحكومة أن يعلناها صراحة برامج محددة للحد من الزيادات المنفلتة في التعداد السكانى لا يعقل أن يزيد تعدادنا أكثر من مليون نسمة سنوياً.. ولا يعقل أن نزيد سكانياً إلى 120 مليون نسمة فى 2030، فبرامج التنمية مهما تطورت وزادت لن تستوعب الزيادات السكانية.
من يتباهى بأعداد أسرته الكبيرة فعليه أن يتحمل مصاريف تعليم ما يزيد على طفلين أو ثلاثة وتموينهم وعلاجهم وسكنهم وأكلهم ومشربهم.. كفاية طبطبة ولابد من وقفة جادة أمام القنبلة السكانية التى أوشكت على الانفجار وساعتها ستأكل الأخضر واليابس.. التعليم تدهور بسبب زيادة الكثافة داخل الفصول وفى قاعات الجامعات.. الشوارع زحمة والدنيا خانقة والبطالة فى زيادة والإمكانات الاقتصادية ضعيفة جداً حتى كادت البلاد تفلس.. التحديات كثيرة أمام الحكومة.. الإرهاب والأمن الداخلى والنمو الاقتصادى ووقف الانفجار السكانى والنهوض بالتعليم والصحة والزراعة والصناعة وغيرها من المجالات التى تخلفنا فيها كثيراً.. آن الوقت لضبط الساعة السكانية ووقف الانفجار وإلا فقل على الأرض السلام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف