الدستور
ماجد حبته
تعاطفوا مع «فتيان الجنة»
لن يتوقف عملاء أو «غلمان» التنظيمات الإرهابية عن محاولة انتزاع تعاطفك مع الإرهابيين، ولن يتركوا أي «كارت» دون أن يستخدموه، بدءًا من محاولة «توليد النملة» التي تبيض، كما فعل (ويفعل) عبدالمنعم أبوالفتوح الشهير بـ«تتح».. وليس انتهاءً بالمتاجرة بكل ما يمكنه أن ينتزع تعاطفك أو يستثير مشاعرك، كما فعل (ويفعل) محليّون وخواجات، كادوا أن يقولوا بصريح العبارة: «مع الإرهابيين، ذلك أفضل جدًا»!.



«سُوِّيت بالأرض».

استوقفني هذا العنوان، قبل أيام، في النسخة المستأجرة قطريًا من الـ«هافنجتون بوست»، والذي كان يعلو صورتين قيل إن الأقمار الصناعية التقطتهما لمدينة الموصل العراقية، قبل معركة طرد «داعش» منها وبعدها!. بما يعنى أن حال المدينة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، كان أفضل منه بعدها!. ولم يكن العنوان بما تحته، غير محاولة أو حلقة في مسلسل تجميل الإرهاب وتقبيح محاربيه، أضيف إليها مؤخرًا حلقة جديدة، لن تكون الأخيرة، تتباكى على «فتيان الجنة»، أو الأطفال الصغار يتامى الإرهابيين، الذين حرمهم «قساة القلوب» من آبائهم وأمهاتهم!.



الحلقة الجديدة من مسلسل تجميل الإرهاب وتقبيح محاربيه، عرضتها جريدة الـ«جارديان» البريطانية، صباح الخميس، في تقرير يتباكى على الأطفال يتامى تنظيم «داعش» في مدينة الموصل، بزعم أنهم يواجهون «تهديدات بهجمات انتقامية»، وأنهم صاروا «مستهدفين من سكان المنطقة»!.



التقرير احتفى به الموقع العربي لهيئة الإذاعة البريطانية، BBC، ونشر ملخصًا له تحت عنوان «الجارديان: قصة ابن «أمير القناصة» في تنظيم الدولة الإسلامية»، مع صورة بها ستة أطفال، لا وجود لها في تقرير الـ«جارديان»، بل ستجد مكانها صورة لطفل ظهره للكاميرا، يقف بحذائه على سجادة صلاة! أما عنوان التقرير، في الجريدة البريطانية، فكان «أطفال مقاتلي داعش مهددون بهجمات انتقامية في الموصل». وفيه ينقل كاتبا التقرير، مارتن شلوف وسالم رزق، عن طبيب اسمه «أبوحسن»، أن هناك أعدادًا كبيرة من أطفال التنظيم فقدوا أمهاتهم وآباءهم، وصاروا أيتامًا وهدفًا للانتقام من المدنيين، بينهم طفل اسمه «محمد» سئل عما يتمنى أن يكون عندما يصبح شابًا، فأجاب «أريد أن أكون قناصًا».



الإجابة صدمت الطبيب أو «أبوحسن»، لكنه وجدها منطقية حين عرف أن والد الطفل كان يُلقَّب بـ«أمير القناصة» قبل مقتله، وأنه كان شخصية مهمة وذات شأن في تنظيم «داعش»!. وبعد أن يوضح الطبيب أن هذا الطفل كان من الأطفال الذين أجادوا القنص باستخدام المسدس والكلاشينكوف!. وبعد أن ينقل «أبوحسن» عن ذلك الطفل أنه يفتقد رفاقًا له كان يُطلق عليهم التنظيم «فتيان الجنة». بعد هذا وذاك، قال الطبيب أو «أبوحسن» إنه يخشى أن يقوم الأشخاص الذين عانوا من التنظيم بالانتقام من هؤلاء الأطفال!.



لن ألومك لو قلت، كما قال الأستاذ عدوية، «سلامتها أم حسن»!. فقط، سأطلب منك بعد الانتهاء من الغناء أن تتذكر حدوتة الإرهابي الصغير عبدالرحمن سيد رزق أبوسريع، عضو خلية «عرب شركس»، الذي قرفنا المناضلون الصغار، الملعوب بهم أو فيهم بسؤالهم: «إزاي يعدموا الطفل البريء ده»؟!.



وقتها، ترك هؤلاء كل الإرهابيين الذين تم إعدامهم، وتوقفوا أمام من يمكن المتاجرة بملامحه. وملامح «عبدالرحمن» كانت توحي بأنه صغير السن، مع أنه من مواليد ١٤ أغسطس ١٩٩٤، أي كان قد تجاوز العشرين بشهرين وأسبوع، يوم صدور حكم الإعدام، وبتسعة شهور وقت تنفيذ الحكم. وبينما كان المناضلون الصغار «متشحتفين» وبينما كادت «إنسانيتهم» تفرتك الـ«تيشيرت» و«الترنك»، حدثت المفاجأة، وشاهدنا «الطفل البريء»، صوتًا وصورة، يغني مع زملائه الإرهابيين الطيبين: «فما سرت إلا لنحر العلوج». ثم جاءت مكالمة والد الإرهابي الصغير مع «هيثم أبوخليل»، على قناة «الشرق» الإخوانية، لتقطع الشك بـ«مطواة قرن غزال»، إذ أكد أن ابنه كان «يجاهد» في العراق وسوريا.



وما دام الشيء بالشيء يُذكر، أو لأن الكلام بـ«يجيب بعضه، طبيعي أن تستوقفنا أحدث حلقات مسلسل تجميل الإرهاب وتقبيح محاربيه، التي كتبها الإرهابي القديم عبدالمنعم أبوالفتوح تعاطفًا ودفاعًا عن الإرهابيين منفذي الهجوم على سيارة الشرطة في «البدرشين»، الذين لقوا مصرعهم بعد اشتباكات مع الشرطة، سبقها رصد مكالمات تليفونية واعترافات من إرهابيين تم إلقاء القبض عليهم، قادت إلى مكان هؤلاء. ومع ذلك، ما كادت تمر دقائق على إرسال هؤلاء الإرهابيين إلى الجحيم، حتى كتب الإرهابي القديم، في حسابه على «تويتر»: «استمرار التصفية الجسدية للشباب المختفين قسريًا أو أثناء القبض عليهم بحجة حدوث اشتباكات دون تقديمهم للعدالة يخدم الإرهاب ويعرض الوطن لمزيد من الخسائر».



هكذا، لم يتعظ القيادي القديم بتنظيم «الإخوان» الإرهابي، من عشرات الحوادث التي زعم فيها أمثاله أن إرهابيين كانوا مختفين قسريًا، ثم رأيناهم صوتًا وصورةً، يتدربون على القتل وتفجير القنابل ويتفاخرون باعتزامهم القيام بذلك!. وغير طفل «عرب شركس»، هناك العشرات أو المئات، منهم مثلًا الإرهابي عبدالله هلال، طالب هندسة الأزهر، الذي زعم والده، وكذا أمثال «تتح» وقنوات ومواقع «الإخوان» أنه مختف قسريًا، ثم فوجئنا ببيان أصدره ما يوصف بـ«تنظيم لواء الثورة»، ينعي فيه أربعة إرهابيين، بينهم المذكور، مع مقطع فيديو يعلنون فيه وصيتهم، مع لقطات من تدريباتهم على تحضير وتجهيز القنابل، وعلى إطلاق الرصاص واستخدام «الموتوسيكلات» في العمليات الإرهابية!.



..وأخيرًا، لن أقول إن «أبوالفتوح» أو «تتح» وأمثاله، المحليين والخواجات، يثبتون صحة المثل القديم: إن تابت الـ«الدبّة»، خرّفت، ومشّيها «دبة» وتخيّل إنها «خرّفت». مكتفيًا بمثل آخر أخف وألطف يقول: «يموت الزمّار.. وصوابعه بتلعب»!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف