أحمد سليم
صناعة الأمل.. الرئيس بين مريم وياسين
صناعة الأمل فى المستقبل من أهم أسباب النجاح.. أن تدخل الامتحان ولديك الأمل فى النجاح.. أن تتقدم لاختبار فى العمل ولديك الأمل فى النجاح.. هو جزء مهم من أسباب النجاح.. وفقدان الثقة فى النفس أول أسباب الفشل فى أى عمل.. وما بين صناعة الأمل وفقدان الثقة مسافة كبيرة وخيوط متشابكة.
وفى مؤتمر الشباب الذى اختتمت أعماله أمس الأول كان أحد المحاور يدور حول آليات مواجهة الدولة الفاشلة.. لن أتطرق فى البداية حول عنوان الندوة أو أسباب اختياره.. وهل ينطبق هذا الوصف علينا.. وسأترك الإجابة الأولى على ذلك إلى أول مشهد فى المؤتمر.. الفيلم التسجيلى للشاب المصرى ياسين الزغبى- أحد صانعى الأمل فى المستقبل-وهو يتحدى إصابته وإعاقته ويركب دراجته مستخدمًا ساقه الصناعية.
ياسين لم يجلس فى بيته خلف جهاز كمبيوتر.. كان من الممكن أن يظل يبكى حظه السيئ بعد الحادث الذى تعرض له وفقد ساقه على أثر ذلك الحادث.. كان من حقه أن يقبع خلف جهاز الكمبيوتر أو التليفون ليحدثنا عبر الفيس بوك عن ألمه ومشكلته ويطالب الدولة بحلها.. لكنه قرر أن يقدم لنا درسًا فى صناعة الأمل.. وأن يقدم للمصريين جميعًا نموذجًا للتحدى.. ياسين لم ينتظر أن تصل إليه شكاوى على صفحات التواصل.. ولكنه ركب دراجته كأى شاب يمتلك إمكانيات جسدية كاملة.. فكر فى أن يحمل آلام الناس وشكواهم.. لم تتبنه منظمة أو جمعية أو مؤسسة.. ولكنه تحرك كمؤسسة.. ذهب إلى تجمعات الشباب وحمل آمالهم وجاء إلى المؤتمر.. ياسين وهو يدخل إلى القاعة.. لم يكن شابًا عاديًا يأتى إلى مؤتمر ليكرمه الرئيس.. ولكنه جاء كصانع أمل لمصر.
ياسين الزغبى أيقونة شباب حقيقية.. هو الذى يستحق وبالفعل التكريم.. نافذة الأمل تتسع لتطل منها مريم- طالبة الثانوية العامة- التى ذاكرت دروسها فى حجرة تحت السلم.. لم تخجل ولم تصب بالانطواء والاكتئاب.. لم تهمها أو توقف مسيرتها نظرات البعض.. مريم ابنة أسرة مصرية مكافحة.. عرف والدها كيف يقدم لنا النموذج.. وعرفت والدتها كيف تبنى لنا أملًا متحركًا.. مريم جاءت بعد عامين من رفض وزير سابق، عمل ابن حارس العقار وكيلًا للنيابة.. فدفع منصبه ثمنًا لتصريحه واعتقاده.. وجاءت مريم لتؤكد مرة أخرى أن صناعة الأمل صناعة مصرية خالصة.. وأن شباب مصر ليسوا فقط أبناء الأسر القاطنة فى الكمباوندات.. وليسوا فقط الباحثين عن ماركات الساعات والسيارات.. وليسوا فقط الذين يقيمون حفلات الساحل.. أثبتت لنا مريم أن هناك أملًا قادمًا من الأسر المكافحة.. مريم لم تنضم إلى فئة عشوائية.. ولم تعمل بمهنة والدها.. ولكنها تفوقت لتصبح صانعة أمل ثانية.. الرئيس السيسى وهو يجلس بين ياسين ومريم.. كان يجلس كأب وكرئيس.. أب يفرح بأبنائه ورئيس يبعث برسائل عديدة لكل المصريين.
الرئيس فى ختام المؤتمر وقف ليكرم نور الشربينى صانعة أمل أخرى- بطلة العالم للاسكواش- التى حافظت على مكانتها وتصنيفها العالمى.. وقف الرئيس أيضا ليكرم عبدالله مسعود حسن، صانع أمل جديد لم يبحث عن حلول لألعاب على البلاى ستيشن ولا مسابقات المزرعة السعيدة.. بل فكر وابتكر نظامًا لتطوير التعليم أزمة مصر المستعصية.. أما الرئيس الأب فهو ينزل من على منصة التكريم ليحمل وسام التكريم لصانعة أمل جديدة آية طه مسعود المتفوقة.. والتى جاءت للتكريم على كرسيها المتحرك.. عندما نزل الرئيس من منصة التكريم إلى قاعة المؤتمر ليكرم آية.. كان يصعد درجات كبيرة فى قلوب المصريين ليؤكد معانى كثيرة.. لعل أهمها أن من جد وتحدى ونجح فحق على مصر، ويمثلها هنا رئيسها، أن تأتى إليه لتكرمه.
وتتسع نافذة الأمل أكثر وأكثر.. وفى نفس توقيت المؤتمر يأتى صانع أمل جديد لم يعلن بعد عن اسمه جندى مصرى أخذ قراره الأهم أن يتحدى الموت والإرهاب.. وأن يصعد بدبابته على سيارة مفخخة فيدمرها وينقذ وحدته العسكرية ومئات المدنيين من فخ إرهابى جديد.. هذا الشاب الذى اتخذ القرار فى لحظة فارقة.. جاء ليؤكد قول الرئيس أن التردد فى اختيار القرار السليم خيانة.. نعم التردد فى اختيار القرار السليم خيانة.. لم يتردد الجندى البطل فاتخذ القرار ليقدم لنا صانع أمل آخر ينضم إلى طابور صناع الأمل فى الرياضة والتعليم والثقافة والفن