الأهرام
د . أحمد عاطف
التقرير الأوروبى عن القدس
صدر منذ وقت تقرير سرى مشترك لسفراء وقناصل عدد من الدولA الأوروبية الموجودين على أرض مدينة القدس، وبعضهم فى رام الله. ويمتلئ التقرير بالعديد من الحقائق الدامغة والتنبيهات و تحليل الموقف من زاوية المعايشة. من ضمن أهم ما ذكر فى التقرير: «استمرار إنشاء المستوطنات. والإقصاء السياسى والاقتصادى والاجتماعى للفلسطينيين الذى يتطور للأسوأ، له تأثير شديد السلبية على الوضع فى القدس. والاستقطاب والدفع للعنف الذى تمارسه الحكومة الاسرائيلية يهدد حل الدولتين مع وجود القدس كعاصمة مشتركة لهما. مستوى التوتر مرشح للارتفاع الكبير خلال عام 2017. و هذا التقرير يصدرسنويا منذ عام 2005 باقتراح من دبلوماسى بريطانى لاطلاع قيادة الاتحاد الأوروبى المركزية فى بروكسل على حقيقة الأوضاع فى القدس الشرقية تحديدا. وقد اكتسب التقرير مصداقية كبيرة خلال السنوات الأخيرة لتقديمه تحليلا وافيا عن الاختناق الذى يعانى منه الفلسطينيون من المحتل الصهيونى على المستويات القضائية والعسكرية والبيروقراطية والعمرانية. وقد ارتفعت نبرة التحذير فى السنوات الأخيرة لهذا التقرير، والتحذير موجه بالأساس للحكومة الإسرائيلية لوقف الأنشطة الاستيطانية والاحتلالية. ومنذ عودته للسلطة عام 2009، ظل بنيامين نيتانياهو المدعوم بأغلبية من جناح اليمين فى الكنيست يتجاهل تحذيرات السفراء الاوروبيين خاصة مع صمت القيادات السياسية للدول الغربية عن ممارسات المحتل الصهيونى. بل على العكس، فقد ظل رئيس الوزراء الاسرائيلى يطور النشاط الاستيطانى بلاهوادة، ويحول التجمعات السكانية الفلسطينية الى جزر منعزلة وسط مستوطنات صهيونية بحماية جيش الاحتلال. هذه السياسة التى تمت إدانتها من مجلس الأمن فى ديسمبر الماضى بالقرار 2334 الذى طلب من إسرائيل وقف أى عمل كولونيالى على الأراضى الفلسطينية المحتلة وتحديدا على القدس الشرقية. هذا القرار الذى حظى بتصويت واشنطن الداعم التاريخى لاسرائيل والتى لم تقف أمامه بحق الفيتو. مما أثار جنون نيتانياهو. ونعود للتقرير الأوروبى الذى حذر من انفجار الوضع فى القدس تحديدا بسبب الظلم اليومى والقوانين الجائرة والاجراءات الامنية المستبدة التى تهدف لإذلال الفلسطينيين، مما يحول الحياة اليومية إلى ماكينة جهنمية تقف أمام أى مشروع للسلام. ويضيف التقرير أن اقتصاد القدس الشرقية المعتمد على بعض الشركات الصغيرة، يعانى انهيارا متصاعدا. وقطاع السياحة الفلسطينى نصيبه يكاد لا يذكر من زيارة السياح. والقرى لم تعد فاعلة بسبب بشاعة اجراءات الوصول اليها. و نسبة القدس من الاقتصاد الفلسطينى هبطت الى 7% بعدما كانت 15 % قبل اتفاقية أوسلو. نسبة البطالة 35 % عند الشباب و حوالى 20 % عند النساء. أما حد الفقر فقد ازداد الى 75 % عام 2016. شبكة المواصلات جعلها الاسرائيليون تهدف بشكل اساسى الى «السيطرة» الامنية على القدس الشرقية. وخط الترام يصل فقط بين المستوطنات والقدس الغربية باستثناء عدة محطات فلسطينية قليلة. وأغلقت اسرائيل العديد من المؤسسات الفلسطينية المهمة بالمدينة مثل بيت الشرق والغرفة التجارية الفلسطينية للقضاء على أى تمثيل سياسى بالقدس الشرقية ولعزل المجتمع الفلسطينى عن بعضه وإضعاف الهوية الجماعية. يؤكد التقرير انه تم زرع 600 ألف مستوطن على أراضى فلسطين المحتلة، منهم 211 الفا وحدهم بالقدس الشرقية لمواجهة الفلسطينيين البالغ عددهم 316 ألفا لتعزيز وجود اليهود بالمدينة. وقد أسفر هذا الوضع الشاذ عن تسكين 2500 مستوطن صهيونى فى شبه حصون داخل الأحياء الفلسطينية. ومن ضمن الاجراءات الأخرى لدحر الفلسطينيين التوسع فى إنشاء أماكن أثرية تحكى تاريخ اليهود على حساب بقية الديانات والثقافات بالمدينة. طبعا هناك نقص فى المساكن المتاحة للفلسطينيين وعدم اعطائهم تصاريح بناء، والهدف هو عدم امتدادهم عمرانيا. مما يضطرهم للبناء بالمخالفة فيتم طردهم من المدينة فورا. و عدد المبانى الفلسطينية التى صدر لها قرار هدم 24 ألف مبنى. انه التطهير العرقى والظلم وعدم المساواة والاهانة والتحقير فى أقصى صورها. يخلص التقرير الى انه بسبب كل ذلك وبسبب وجود المقدسات الدينية بالقدس، فان الحفاظ على السلام ضرورة ملحة، والا انفجر الوضع وترك تأثيره على استقرار الشرق الأوسط والعالم بأكمله. هل تسمع القيادة الاوروبية صيحات التحذير القادمة من سفرائها؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف