سكينة فؤاد
عما حدث فى العريش والإسكندرية والقدس
أكثر من دولة أجنبية أشادت ببطولة أسد العريش ـ كما أطلقوا عليه ـ المقاتل المصرى ابن سوهاج قائد موقعة الدبابة وقراره الفوري، الذى لم يستغرق ثوانى بالتصدى لعربة الدفع الرباعي، فور ملاحظته وجود أربعة إرهابيين مسلحين داخلها واستعدادهم للقفز منها والهجوم على أفراد نقطة تمركزه والقضاء عليهم وعلى العدد الكبير من المدنيين المحيطين بالنقطة، وإدراكه أن العربة لابد أن تكون مفخخة لارتكاب الجريمة الإرهابية وقتل أكبر عدد من المدنيين والعسكريين..
البطولة الخارقة التى تتجاوز البطولات المتخيلة فى أعنف أفلام العنف والحروب ـ كما وصفوها ـ استعادت ذاكرة البطولات التى تتجاوز القدرات البشرية لأبطال نصر أكتوبر 1973، والتى جعلت المقاتل المصرى ينتصر على تفوق السلاح الأمريكى الذى كان بين أيدى العدو الصهيوني.. الإشادة فى الخارج لم تمنع أن نجد هنا من يهونون ويقللون من قيمة ما حدث ويحدث من بطولات وانتصارات، بل ويشككون ويكذبون ويثبتون أن السقوط الوطنى والأخلاقى بلغ درجات لا تصدق، وبما يوجب إعطاء هذه البطولات ما تستحق من إبراز لتفاصيلها وعظيم التكريم والرعاية لأبطالها وأسرهم.
لا أظن انى أذهب بعيدا عن هذه البطولات عندما أقول اننى أثق أن كل محب وعاشق لمصر ومدرك لحجم المخاوف التى تهددها، وأن سقوطها لا قدر الله فى مخطط العنف أو الفوضى الخلاقة كان يحمل اسم «الجائزة الكبري».. أثق أن هؤلاء من ملايين المخلصين والأمناء قد أسعدتهم إنجازات مهمة للدورة الرابعة لمؤتمر الشباب فى مقدمتها وعيهم ومستويات تفكيرهم ورؤاهم المتطورة لمواجهة ما تمر به بلادهم من أزمات، وما طرح من عناوين مهمة لحلقات الحوار وفى مقدمتها كيف تنجو مصر من التحول إلى دولة فاشلة وكيف تواجه أزماتها الاقتصادية.. ومن أهم إيجابيات المؤتمر المصارحات والمكاشفات من الشباب ونقل ما يدور على ألسنة الكثيرين واعترافات المسئولين وفى مقدمتها أن الدعم لا يذهب إلى مستحقيه وما كان يجب اتخاذه من إجراءات لتخفيف آثار الأزمات الاقتصادية على الجموع الأكثر احتياجا للدعم والتخفيف، وضرورة المسارعة باستكمال منظومة بيانات المعلومات القومية، التى أكد اللواء عرفان رئيس الجهاز المحترم للرقابة الإدارية أن غياب هذه المنظومة من أهم أسباب عدم ذهاب الدعم لمستحقيه، بالاضافة بالطبع إلى منظومة الفساد والإفساد وغياب القوانين والعدالة ـ ـ
لا أجد ميزانا أهم لمصداقية ما تم الإعلان عنه إلا بدايات تغييرات حقيقية تمس حياة المواطنين وتخفف معاناتهم.. أقول بدايات فلا أحد يطالب بما يتجاوز الممكن والمستطاع.. وهو ما نرجو مؤشرات عاجلة له وهو أيضا ما يدعونى أن أعود وأرجو وألح فى الرجاء بمتابعات ورصد علمى وموضوعى لتقديم الإنجازات ومدى الالتزام والجدية فى تحقيق ما تم إعلانه ومدى مشاركة أجيال الشباب فى تحقيقها والتى يجب أن يتسع الاستيعاب لجميع أطيافهم ومكوناتهم لمنع أى شكوك أو اتهامات بالتمييز أو الانتقاء.
فى رؤية مصر 2030 للزراعة لم يُظهر العرض الذى قدمه الوزير الوقائع المؤسفة التى يتعرض لها هذا المحور الأساسى من محاور الأمن القومى والحيوى والصحى والاقتصادي، وبدا أن أهم النجاحات التى تحققت خلال هذا العام هى تصدير أعلى كمية من البطاطس وزيادة نسبة تصدير الموالح، ولم يتطرق الوزير إلى ما تعرض له كثير من الصادرات الزراعية فى الخارج، ولماذا استخدمت أصناف من الفاكهة ـ الخوخ والعنب والتفاح ـ كسماد عضوى بعد رفض استيرادها وخطط مراقبة أسواق الأسمدة والمبيدات ـ ولماذا لم تصدر حتى الآن تعديلات قانون تغليظ عقوبات التعدى على الأراضى الزراعية، هذه هذه الدعوة التى لم تتوقف من عشرات السنين وأظن أن القانون لن يصدر إلا مع اختفاء آخر شبر صالح للزراعة فى أراضى الوادى القديم التى أعلن د. فاروق الباز أن مسح الأقمار الصناعية أكد أنه إذا استمرت معدلات البناء بهذه السرعات فستختفى الأرض الصالحة للزراعة تماما 2050! المدهش أن يتزامن مع إعلان الوزير مضاعفة المساحات الزراعية وتوفير الاحتياجات من الغذاء مع ما توارد من أخبار تؤكد أن مصر مازالت أكبر مستورد للقمح وعلى رأس قائمة مستورديه كما كانت منذ 2005، واننا خلال أقل من شهر تعاقدنا لاستيراد كميات غير مسبوقة تمثل 20% من المستهدف للسنة المالية 2017/ 2018 وانخفض التوريد المحلى وتم شراء 1٫245 مليون طن من نحو 6٫2 مليون طن مستهدف العام المالى الحالي، وذلك مقارنة بنحو 300 ألف طن من القمح تم التعاقد عليها فى يوليو الماضى وأعلن المتحدث باسم وزارة التموين أن توريدات القمح المحلى تناقصت هذا العام بنسبة 1٫8 مليون طن ـ وما أعلنه الفلاحون عن تراجعهم عن زراعة القمح بسبب مشكلات زراعته والخسائر التى يتعرضون لها؟! كيف يتراجع انتاج القمح عن المعدلات المتواضعة التى جعلتنا أكبر مستورديه منذ نهايات القرن الماضي؟!! وهل بعد الثورة مازالت مافيا الاستيراد والتطبيع الزراعى تتحكم وتدير منظومة التنفيذ وما أعلنه وزير الخارجية الأمريكى الأسبق كيسنجر أن القمح قضية سياسية وليست زراعية؟!!
ألم نجرب من قبل وعشرات المرات مع الكيان الصهيونى لغة الرفض والشجب والإدانة ليعاود إعلانها بالأمس وزراء الخارجية العرب؟! ألم نعلن عشرات المرات أن القضية الفلسطينية هى القضية المركزية للأمة العربية وأن الممارسات الإسرائيلية تقوض السلام فى المنطقة وفى العالم.. هل ارتدع أو اهتم أو استجاب الكيان الاستيطاني.. وهل توقف عن تماديه وامتداد أورامه الاستيطانية والاعتداءات على المسجد الأقصى واستكمال محاولات هدمه بعد فشل جميع محاولاتهم لإثبات تبعيته لهم، ومواصلة الاجراءات التى تحول القدس إلى عاصمة موحدة لما يطلقون عليه الدولة اليهودية.. ألم يأن الأوان لموقف حاسم وحازم للأمة كلها، عفوا.. للدول التى تبقت منها صامدة ومتماسكة بعد مخططات الإبادة التى أطاحت بعدد من أكبر دولها وجيوشها الوطنية ـ
لقد أضعنا من الوقت.. ومن القضية.. ومن الأرض ومن الحقوق ما يكفي.. ولا يستطيع أحد أن يقلل مما أعطته مصر للقضية الفلسطينية ـ كقضية أمن قومى عربى ومصرى رغم ما ارتكبته بعض الفصائل من خطايا بحق مصر وبحق بلادهم.. والسؤال الآن هل آن الأوان لوقفة جادة وموقف حاسم وقاطع ونهائى لا يساوم ولا يقبل بأى تنازلات جديدة ويتمسك بالتزام متبادل وعادل بالحقوق والقرارات الدولية بشأن الشعب الفلسطينى والكيان الذى زرع فى أرضه؟!!