الأهرام
أشرف محمود
المستقبل الذى ننتظره
يبقى الحديث عن المستقبل هاجسا يدور بخواطرنا فى هذه الايام التى تموج بكل ألوان التناقض ، وتحيط بنا هموم ومشكلات متشابكة مابين مواجهة ارهاب او بناء اقتصاد، لكن القيادة السياسية تصر بعزم لايلين على المضى قدما وبجسارة تحسد عليها فى الاتجاهين معا ، فهى تحارب الارهاب الغاشم ، وتبنى المستقبل من خلال المنشآت التى تعمر بها الصحراء اضافة الى المشروعات العملاقة المنتشرة فى ربوع البلاد تأكيدا على الحياة الطبيعية التى تعيشها مصر، وتعلن من خلالها تحديها للارهاب وانها قادرة على دحره واجتثاثه من فوق ارضها ، لكن كثيرين ينظرون الى المستقبل من مرآة الواقع الحالى الذى يشهد ارتفاعا فى الاسعار بلغ حدا أعجز طبقة عريضة من الشعب عن مجاراته ، فباتوا يرون المستقبل من منظور الواقع الذى لايسر ، متناسين ان لكل إصلاح ضريبة يتحملها جيل من أجل مستقبل اجيال قادمة هم ابناء هذا الجيل وأحفاده ، وهم مستقبل الوطن من البشر الذين نرجو ان تكون حياتهم افضل وأيسر من حياتنا .

والمنصف والمدقق فى احوال بلدنا الاقتصادية سيجد أن الازمة التى نعيشها هذه الايام ليست وليدة اللحظة وانما هى نتاج تراكم المشكلات التى لم تواجهها الدولة فى وقتها ، او انها واجهتها ثم سرعان ما عدلت عنها ، ومن هنا كانت الخطوة الجريئة للرئيس السيسى الذى غامر بشعبيته وراهن على فطنة الشعب المصرى وقرر اقتحام الممنوع بإجراء إصلاحات اقتصادية تبدو كالدواء المر الذى لابد منه، لاصلاح اقتصاد مصر الذى تهاوى بفعل الديون وقلة الانتاج وكثر ة الاستيراد بعدما اصبحنا شعبا مستهلكا لامنتجا ، ورغم صعوبة القرار والتاكيد انه خلف مشكلة للفئات ذات الدخل المحدود ، وأسهم فى تغيير طبقات المجتمع الحالية ليصبح الفقير اكثر فقرا وتراجعت الفئات التى تسبقه الى درجات ادنى ، فإن التساؤل الذى طرحه الرئيس فى حفل افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية ، ربما يكون مدعاة للتفكير بعمق فيما يجرى على ساحة الاقتصاد المصرى ، إذ تساءل الرئيس عن الشكل المرجو لمستقبل مصر ، وأجاب على تساؤله بأن المستقبل يعنى أن نرى بلادنا قوية ومتقدمة ، ينعم الجميع فيها بالحياة الكريمة،والعيش اللائق ويجد جميع الخدمات التعليمية والصحية المتميزة وهذا الامر لن يتحقق الا من خلال الإصلاح الاقتصادى الجذرى والشامل، والصبر على أعبائه حتى يحقق أهدافه ويجنى ثماره ، وأشار الرئيس فى شرحه للأزمة الاقتصادية المصرية ، ان اسبابها متعددة لانه على مدى عقود طويلة لم يقم الاقتصاد بدوره فى الاستفادة من الموارد لتتراكم الازمات وترتفع تكلفة الإصلاح المنشود ، حتى نصل الى المستوى الذى يشعر به المواطن البسيط.

لكل ماسبق يبقى الاصلاح الاقتصادى اولوية مهمة فى طريقنا الى المستقبل الذى نحلم به ، فالاربعون عاما التى مضت على اول محاولة لإصلاحه تبدو كافية لحسم هذه الخطوة الكفيلة حسب آراء كل الخبراء المحليين والدوليين لإخراجنا من عنق الزجاجة الذى يطبق على رقابنا ، ومن عجب ان اصواتا شاذة تردد مايقال لها دون ان تخضعه للتفكير ، وتدعى انها اصوات وطنية لكنها تسأل عن الاولويات التى تدار بها البلد ، فى اشارة الى العاصمة الادارية الجديدة ومشروعات الإسكان والطرق ، وكلها مشروعات مهمة ونحتاج اليها وتصب فى مصلحة الاصلاح الاقتصادى ، الا انهم يرونها سببا فى الازمة ، وتناسى هؤلاء استراتيجية العمل المصرى التى اعلنها الرئيس السيسى مرارا وتكرارا ، وآخرها فى كلمته بافتتاح قاعدة محمد نجيب ، عندما قال ان مصر تحارب على جبهتين منفصلتين ، وانها لم تتخذ الإرهاب ذريعة لتعطيل الحياة الطبيعية ، وان مصر ستظل عصية على الرضوخ وسيظل شعبها على عزيمته رافضا الإحباط وستعلو ارادته فوق ارادة اعدائه ،وهكذا يكون العبور الى المستقبل بالامل والطموح مع العمل ، من خلال تقوية قدراتنا العسكرية وزيادة انتاجنا فى كل المجالات.

غير أن مايدعو للفخر ويؤكد اننا نسير على الطريق الصحيح ، الى جانب ماسبق هو اطلاق اسم اللواء محمد نجيب على القاعدة العسكرية تكريما لإنجازات الرجل ووفاء له وتقديرا لدوره مع الضباط الأحرار فى ثورة يوليو 1952 ونيله شرف أن يكون أول رئيس للجمهورية ، وفى هذا انصاف للواء نجيب يليق بمصر الوفية التى لاتنسى تضحيات ابنائها ، كما أن خطاب الرئيس السيسى تضمن ولاول مرة عبارة لم تعرفها ادبيات الخطابات الرسمية من قبل عندما قال عن القاعدة العسكرية جملة (نكمل مسيرة من سبقونا) فهذه لغة جديدة تبشر بكل الخير ، فتواصل الاجيال هو من يصنع تاريخ الاوطان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف