في ظل الارتفاع الجنوني في أسعهار جميع السلع الغذائية والتي تفوق دخل الغالبية العظمي من أفراد الشعب تابعت برنامج تليفزيوني يتناول ما يحدث في سوق العبور الخاص ببيع الخضر والفاكهة حيث عرض البرنامج تراكم مئات الأطنان من الفاكهة مما يؤدي إلي فسادها فيضطر التاجر التخلص منها بإلقائها في القمامة.
ولأننا في بلد تكثر فيه المتناقضات فإن هذا المشهد يتكرر يومياً أمام المسئولين ويتكرر أيضاً أمام صراخ آلاف المواطنين الذين يتضورون جوعاً ولم يفكر أحد في ايجاد وسيلة لإنقاذ آلاف الأطنان من الخضر والفاكهة قبل فسادها ومحاسبة التاجر الذي يقوم بنفس راضية بإعدامها.
بعيداً عن السلوكيات الفردية لجشع التجار فإن في معظم دول العالم توجد منظومة متكاملة للتعامل مع الخضر والفاكهة لأنها سريعة العطب حيث يوجد توقيت محدد لعرضها طازجة في السوق وقبل ان تفسد هناك مصانع لتصنيعها ولحفظها سواء مطهية أو محفوظة بالأساليب المعروفة.
بالتأكيد لو كان داخل سوق العبور أو بالقرب منه مصانع لطهي وحفظ الخضروات والفاكهة ما كان هناك مجال لفسادها ولا أدري لماذا يغيب عن المسئولين وعن الاستثمار تشجيع المستثمرين علي خوض هذا المجال الحيوي.
هناك دراسة علمية تناولت ظاهرة إهدار الغذاء في مصر أعدتها الباحثة نهلة السباعي أشارت خلالها إلي أن هدر الغذاء في مصر بدأ منذ سنوات طويلة بتآكل الأراضي الزراعية المنتجة للغذاء والتي تنقص بمعدل 20 ألف فدان سنوياً مما يؤدي إلي تناقص المنتج والمعروض من الغذاء.
تشير الدراسة إلي أن هناك إهداراً آخر في الغذاء نعاني منه في مصر وهو تلف وفقدان في المحاصيل الزراعية نتيجة سوء التعامل والجهل بأساليب الزراعة والحصاد والجمع والنقل والتداول.
تشير الباحثة إلي أن مصر تفقد سنوياً مليارات الجنيهات نتيجة الهدر الناتج عن سوء تداول المحاصيل واقترحت عدة ضوابط لابد ان تلتزم بها الدولة تبدأ بنشر المعلومات الصحيحة وتوصيلها للمزارعين عن الأساليب الحديثة في حصاد وتعبئة الخضر والفاكهة لتقليل حجم الفاقد بالإضافة إلي دعم المنتجين من خلال قروض ميسرة لشراء آلات الفرز وإنشاء المخازن المبردة وتوفير وسائل نقل مناسبة للخضراوات والفاكهة وسريعة التلف.
من المقترحات العاجلة أيضاً علي الدولة الاهتمام بالتصنيع الغذائي لبعض المحاصيل لإنقاذها من التلف واستيعاب الكميات الزائدة عن حاجة السوق وحفظها بالتصنيع الزراعي مثل عمليات التجميد والعصائر وجميعها مراحل توفر فرص عمل للشباب علاوة علي إمكانية تصديرها وتوفير عملة صعبة.
أفكار توفير الغذاء كثيرة وجميعها ممكنة للتنفيذ باق علي الحكومة ان تعتبر توفير الغذاء وفرص العمل للشباب مهمتها الرئيسية في هذه المرحلة وستجد ألف وسيلة ووسيلة للخروج من هذا المأزق.