صالح ابراهيم
للإيجار.. أمنية الأجداد والأحفاد
يحق للمرء أن يتساءل في أرض البنائين العظام.. لماذا فضلت الدولة الحديثة التقدم بكل قوة لتصحيح مسار أزمة الإسكان الطاحنة.. من خلال أنظمة التمليك.. والتمويل العقاري بدءاً بالإسكان الاجتماعي الذي سيغير معادلات السوق الحالية.. بإنجاز وتسليم أكثر من نصف مليون شقة.. معظمها في أنحاء المدن الجديدة للشباب.. وحتي الوحدات الجاهزة للتشطيب نصيب هيئة المجتمعات العمرانية من تكلفة الأرض والمرافق التي ساهمت بها في مشروعات القطاع الخاص الكبري مثل مدينتي والرحاب.. لتداعب الطبقة القادرة علي حجز شقق فاخرة ضمن هذه التجمعات والكامبودات بالدولار.. وما يتصل بذلك من مشروعات مماثلة تندرج تحت بند الاستثمار العقاري.. تخاطب به الدولة أبنائها المقيمين بالخارج.. من خلال أراضي بيت الوطن وبالدولار أيضاً مقسمة قطعاً وأسعاراً حسب موقعها في المدينة الجديدة.. هذه أم تلك.. مروراً بمشروعات أخري سابقة.. لم تحقق الرواج المأمول.. مثل ابني بيتك.. أو الإسكان منخفض التكاليف.. الذي تحول فيما بعد إلي الإسكان الاجتماعي.. وناله متغيرات أساسية في نظام التمويل ودعم الدولة وسداد الأقساط.. إلخ.
المهم من أعوانهم الذين يتجولون في أنحاء المحروسة.. الاطلاع علي مدن جديدة.. ترعاها أجهزة للإدارة والإشراف.. حققت تقدماً ملموساً في المرافق المتاحة.. ثم أفكار غير تقليدية لاستثمار الوحدات الخدمية بها.. مع تخصيص مساحات في قلب المدينة لاستثمار القطاع الخاص ومدن تخدم مناطق صناعية متطورة.. أو تقام بها مؤسسات تعليمية متقدمة.. زادت من الإقبال عليها.. خاصة بعد انتشار الثقافة المجتمعية البطئ بخصوص الهرب من التكدس والزحام بالعاصمة والمدن الكبري.. رغم ما أنفقه هؤلاء من أموال ومدخرات للسكن في الفيلات والأبراج.
الآن نرصد اتجاه الدولة لإحياء نظام الإيجار في المساكن.. بعد أن قادت في السبعينيات دعوة التمليك في عمارات شركات الإسكان الحكومية "مثل مدينة نصر ومصر الجديدة" الراية التي تلقفتها شركات ورجال القطاع الخاص للتنقيب في أي أرض فضاء صالحة أو حتي منزل قديم يمكن هدمه.. لبناء محله برج من 15- 20 دوراً.. تسللت كثير منها إلي حارات الأحياء الشعبية.. وشكلت أعباء ثقالاً علي مرافق الكهرباء والغاز والمياه والمجاري.. مازلنا نعاني منها رغم المليارات التي أنفقت للتصويب.. نجح البعض مثل الكهرباء ولازال الباقي يحاول.. ولكن الملاك الجدد يستلمون شقتهم غالباً علي الطوب الأحمر.. يكملون الشقق بأجهزة التكييف وحبال الغسيل ولا تزال هناك شقق خالية في هذه الأبراج منذ سنوات.. عالجها أصحابها بالتوسع في إيجارات النظام الجديد.. المهم ان تشغل العمارة بالكامل.. للانتقال إلي برج آخر جديد فنستطيع القول إنه عبر استقرار آلية التمويل العقاري الحكومي بشراكة الوزارة وممثلي الإسكان ظهر الاتجاه لطرح شقق للإيجار.. تقريباً بنفس قواعد السوق.. بالإضافة للاشتراكات التي تحاصر المواطن ليستفيد لمدة وحيدة طوال العمر حدد التعاقد لأصحاب الدخل الشهري أقل من 1500 جنيه "الحد الأدني للأجور 1200 جنيه" والتعاقد عن سبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة بتفاهم الطرفين.. أو شراء الوحدة بتسهيلات تراعي ما تم سداده إن أمكن.. وكأن صاحب عمارة يسدد المستأجر 3 شهور من الايجار تأميناً و1000 -1500 جنيه جدية حجز وثلاثة آلاف جنيه لعدادات الكهرباء والغاز والماء.. وبالطبع سيكون هناك محضر تفصيلي لاستلام الشقة ومحتوياتها عند التعاقد.
الملاحظ ان تجربة محدودة في 5706 وحدات سكنية معظمها غرفتان وصالة بـ 6 محافظات بعضها في مدن قديمة والأخري جديدة.. المهم يكون المستأجر من أبنائها العاملين أو المقيمين بها.. والتسليم بعد انتهاء الحجز سيكون بالقرعة كما اعتدنا في تعاملات مشروعات الإسكان وبما ان الوزير قد أعلن عن نيته في التوسع بطرح شقق أخري جاز لنا الاقتراح بحصر شقق الإسكان الاجتماعي التي لم تجد شاغلين.. أو تركها لأسباب.. مع الشقق المغلقة من السابق.. لطرحها للإيجار بالقيمة السابق إعلانها "300- 400 جنيه" بالصورة التي تؤكد جدية الدولة قيادة الطرح بالإيجار انحيازاً إلي محدودي الدخل بعد ان كانت صاحبة مبادرة التمليك.. لأنه كلما زادت عدد الشقق وأقبل عليها الشباب الذين ينوون الخطوة الأولي لبناء منزل الأسرة الجديدة. تأثرت بالتأكيد في القطاع الخاص.. وجاز لنا أن نتوقع تغييراً في فلسفته الحالية من التمليك إلي الإيجار ومن يدري ربما حققنا مكسباً ملموساً.. بعودة لافتة للإيجار التي عاشها الأجداد.