الوفد
عباس الطرابيلى
مخاطر.. التقسيم الإداري
على مدي تاريخ مصر، ومن أيام الفراعنة، تعرضت بلادنا إلي تقسيمات إدارية عديدة.. أي تقسيم مصر الممتدة من البحر المتوسط شمالاً إلي خط عرض 22 شمالا إلي عدة أقاليم، يبدو في الظاهر أن هدفها هو تحسين الخدمات. ولكن الأصل فيها زيادة سيطرة الحاكم، أي دعماً للمركزية. ولذلك يقول التاريخ إن مصر هي أقدم دولة مركزية في التاريخ.
ولم تنج مصر تحت الحكم الإسلامي من تغيير التقسيم الإداري سعياً وراء الخروج.. بل ومن الأيام الأولي للفتح الإسلامي لمصر تم تعيين الوالي.. مع قرار آخر لتعيين مسئول الجزية والخراج، من أيام عمرو بن عبدالعاص وعبدالله بن أبي سرح! وكذلك فعل كل الغزاة.. وحتي محمد علي باشا نفسه، ما إن استقر له حكم مصر عمد إلي إعادة تقسيم البلاد إدارياً.. وكذلك عمد أولاده وأحفاده.. من تقسيم واستحداث الحدود بين الأقاليم مما أوجد مشاكل وصراعات عديدة.
<< وفي العصر الناصري أعيد النظر في التقسيم الإداري تحت مسميات عدة أبرزها الحكم المحلي.. أو الإدارة المحلية. أو المحليات.. ومازالت مصر تعاني الكثير بسبب هذه التقاسيم من صراعات علي الحدود الأرضية والمائية بين كثير من المحافظات.. في الدلتا، وفي الصعيد.. ومنذ سنوات قليلة نشأت مشكلة مع إنشاء محافظة حلوان وضم أراضٍ لها من محافظتي القاهرة والجيزة.. وأيضا من القليوبية.. قد اكتشفنا عدم دستورية هذا التقسيم ليس بسبب مقر المحكمة الدستورية العليا فقط.. بل علي مستوي توفير الخدمات.. وهناك مشاكل مناطق تابعة لمحافظة الجيزة من تبعية بعض الواحات، في الصحراء الغربية لها! وكان هدف هذا التقسيم ضرب دائرة المرحوم علي سلامة الانتخابية! وربما كان القرار الواحد السليم هو فصل مدينة الأقصر وجعلها مدينة ذات طابع خاص حيث تحولت إلي محافظة ونجح في إدارتها وتطويرها اللواء الدكتور سمير فرج له كل الشكر والتقدير.
<< وما يتم إعلانه عن التقسيم الإداري الجديد الآن قد يكون سليماً.. بالذات ما يقال عن أهدافه الاقتصادية.. ولكنني أري أهدافاً أخري ضرورية هي إضافة مساحات عديدة من الأراضي إلي هذه المحافظة أو تلك لكي تتمدد المحافظةـ هذه أو تلك.. وتجد ظهيراً صحراوياً لتنفيذ عمليات التنمية والتعمير هنا، أو هناك.
ورغم ذلك نسمع اعتراضات عديدة، بالذات من طرح فكرة تقسيم محافظة البحر الأحمر، التي تمتد من جنوب السويس إلي حدودنا مع السودان، جنوب حلايب وشلاتين وما بعد رأس حدربة.. ونجد أصواتاً ترفض تقسيم هذه الأراضي التي تمتد كثيراً مع امتداد حدودنا البحرية من السويس إلي خط عرض 22 شمالاً..
<< ومن المؤكد أن هذا الامتداد الطويل يعرقل عمليات توفير أو نقل الخدمات، سواء من عاصمة المحافظة أو عاصمة الدولة المصرية ذاتها.. ومحاولة ضم مناطق علي البحر الأحمر إلي بعض محافظات الصعيد الفقيرة.. هدفها ليس فقط توفير امتداد أرضى لهذه المحافظات ولكن لسرعة تنفيذ عمليات التنمية والتعمير، في مناطق عانت طويلاً.
وربما نقصد هنا حكاية مثل المثلث الذهبي.. أو حالات التنمية جنوب محافظة السويس عند جبل الجلالة.. فهل الأفضل إنشاء محافظات جديدةـ في المناطق المطلوب تنميتها علي البحر الأحمرـ أم أن تتركز عمليات التنمية هناك مركزياً إلي أن تنجح عمليات التعمير فلا تتركز عمليات التنمية في إنشاء مراكز إداريةـ للمحافظات وللمراكزـ تستهلك معظم الاستثمارات كما حدث مثلاً عند إنشاء محافظة الوادي الجديد.. أو حتي مديرية التحرير في بدايات ثورة 23 يوليو؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف