المساء
مؤمن الهباء
بعد 30 سنة !!
صدمنا د. أشرف العربي وزير التخطيط.. وأصابنا بإحباط شديد.. حين قال في تصريحات نقلتها صحيفة "الوطن" إن المصريين بحاجة إلي 30 سنة علي الأقل حتي يشعروا بثمار التنمية.. نعم علينا أن نصبر 30 سنة أخري قادمة ــ يا عالم من يعيش ــ حتي نشعر بثمار التنمية.. والذي يقول ذلك ليس وزيراً عادياً.. وإنما وزير التخطيط الذي يمتلك الأرقام ولديه الحقائق.. والذي تصب عنده الخطط من مختلف الوزارات.. باختصار هو الذي لديه الرؤية المتكاملة من كل الجوانب.
وقد احترت ــ شخصياً ــ في تفسير مغزي تصريح د. العربي في هذا التوقيت.. هل أراد الرجل أن نشعر بالإحباط فلا نتطلع إلي الأفضل ونقتل الأمل؟!.. أم أراد أن يجري ترحيل المسئولية عن التنمية ونتائجها إلي المستقبل البعيد جداً.. وبالتالي يتهرب هو وحكومته من أية مساءلة عن أسباب عدم الإحساس بنتائج التنمية.. ويرمي المسئولية علي المستقبل حيث سيكون 50% علي الأقل من الشعب الموجود حالياً غير موجودين بعد 30 عاماً.. أي عام 2045 وعليكم خير؟!
البعض من أصدقاء الوزير انتقدوه.. وقالوا إن المشكلة تكمن في أنه وزير غير سياسي.. ولا أدري إن كانوا يلتمسون له العذر في ذلك بأنه صريح أكثر من اللازم ولا يحتاط لتصريحاته ولا يتلاعب بالألفاظ.. ولايدرك خطورة التناقض بين ما يقوله اليوم وما تعلنه الحكومة دائماً بأن نتائج التنمية سوف تظهر للمواطنين خلال عامين.
الحقيقة أن تصريح د. أشرف العربي الصادم جاء وسط موجات متتالية من الوعود والأماني والتطمينات التي تتردد كثيراً في تصريحات المسئولين الكبار وفي جنبات المؤتمرات والتصريحات الرسمية والبرامج الفضائية وكلها تزف إلينا البشريات بنتائج سريعة ومباشرة للجهود التي تبذلها الحكومة في طول البلاد وعرضها لإنهاء الأزمات المتراكمة والانطلاق إلي مصر الجديدة.. وذلك بفضل الصفقات والاتفاقيات والبروتوكولات التي يجري توقيعها من أجل دفع عجلة الاستثمار في كل الاتجاهات.
ولو كان تصريح العربي صحيحاً وصادقاً بأننا لن نشعر بنتائج التنمية إلا بعد 30 عاماً فسوف يخرج عليك غداً من يقول ولماذا اذن كانت الثورة علي مبارك.. لقد مكث الرجل 30 عاماً في الحكم وما كان علينا إلا أن نصبر بضع سنين حتي نجني ثمار التنمية.. وهو كان يبشرنا دائماً بأننا علي وشك الخروج من عنق الزجاجة.. لماذا تعجلنا خصوصاً أن 30 عاماً ليست بالشيء الكثير في تاريخ الأمم.
هناك كلام ينشر ويذاع هذه الأيام عن فشل الحكومة.. والدعوة إلي تغيير الكثير من وزرائها.. وهو مايعكس إحساساً عاماً بالإحباط.. وبأن الطموحات الكبيرة لم تتحقق حتي الآن.. والمشهد في العموم يعاني من عناصر التوتر والقلق.. والناس في حاجة إلي من يطمئنهم علي يومهم وغدهم.. وآخر شيء كانوا ينتظرونه أن يخرج عليهم واحد من الحكومة ليقهر فيهم الأمل والطموح.. ويدعوهم إلي الصبر 30 عاماً أخري.. وهم ــ قطعاً ــ لا يحتملون ذلك.
ثم.. لماذا 30 عاماً بالتحديد.. نحن سئمنا هذا العدد.. وصارت لدينا عقدة نفسية من حكاية الثلاثين عاماً.. لأنها ــ بصراحة ــ تذكرنا بالكراسي اللاصقة.. ولا نريد أن تتكرر التجربة ونري مسئولين ووزراء ورؤساء مجالس إدارات يشيخون علي مقاعدهم لمدة ثلاثين عاماً.. ولا أصدق أبداً أن تصريح د. أشرف العربي يمكن أن يكون هدفه التمهيد لبقاء الحكومة والوزراء في مواقعهم حتي يحين جني ثمار التنمية بعد 30 عاماً.
معقول.. أن يكون هذا قصده؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف